الأحد، 31 يناير 2016

فائدة في أثر لزوم أهل العلم الكبار لاسيما عند الفتن ~ الدكتور صالح بن عبدالله العصيمي


 * (؟!)
قال تعالى  : {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا}
هذا من دقائق صفات المؤمنين وهو أن الله ينزل في قلوبهم السكينة والطمأنينة كما ذكر الله في هذه الآية ؛ فإذا ضاقت النفوس وحرجت وتشوّشت الخواطر فإن الكمّل من المؤمنين تنزل عليهم السكينة .
- وتأمّل هذا في أحوال كمّل العلماء إذا وردت الفتن ، فإنك ترى على حالهم من كمال الإقبال على ما فيه مصالحهُم وعدم التشوّش بهذه الواردات ما لا يكون لغيرهم .
- واقرأ ما ذكره ابن القيم في مدارج السالكين في منزلة السكينة عندما ذكر أنه كانت إذا وردت عليهمُ البلايا وتكاثرت عليهمُ المصائب وتصايحت بهم الفرق والطوائف جاءوا إلى شيخ الإسلام أبي العباسِ ابن تيمية فما أن يجلسوا في مجلسه حتى يجدوا برد السّكينة والطُمأنينة ،
فانظر لكمال حاله من الإيمان نزلت السكينة على قلبه وكان لهذه السكينة أثر على المؤمنين من حوله.
- وبهذا تعرف شيئا واحدا من آثار صحبةِ العلماء الكبار الراسخين في العلم وأن صحبتهم خيرٌ وأنفع وأعظم من صحبة الناشئة من طلبة العلم وإن كان من طلبة العلم الناشئة من هو أعظم علما ،
إلا أنّ عند أولئك من الحقائق القلبية ما لا يكون عند الناشئين من طلبة العلم ، كمثل هذه الحال التي ترد عليهم فيها السّكينة والطمأنينة فيكون لذلك أثرٌ على من حولهم بتطمينهم وتسكينهم وصرفِهم إلى ما فيه مصالحهم .
- ومن تلمّس هذا في الفتن التي مرّت على هذه البلاد ونظر إلى ما كان عليه العلماءُ الكبار كابن باز وابنِ عثيمين من ثبات أقدامهم وطمأنينة قلوبهم وسكينة نفوسهم وعدم تغيّرِ أحوالهم عما نشأوا عليه عرف الفرق بين العلماء الرّاسخين ومن لم ترسخ قدمه .
- فإن من لم ترسخ قدمه يتحيّر ويتغيّر ويتلوّن ، أما الراسخ قدمه فإنه يبقى على سير واحد وطريق واحد ؛
لأن المراد واحد والطريق واحد والسائق واحد ،
فالمراد وجه الله والطريق سبيل الله والسائق طلب رضا الله ،
فإذا اختلف شيء من هذه الأمور الثلاثة بأن كان المراد غير الله أو كان الطريق غير الطريق التي أمر الله أو كان السائق غير السائق الذي أذن به الله ، فعند ذلك يحصل للعبد تغيّر وتحوّر وتهوّر في أحوال كثيرة .
- وإنما يسلّمك منها أن تحرص على صحبة العلماء العاملين الرّاسخين الذين كبرت أسنانهم وعظمت أقدارهم وظهرت علومهم وثبتت أقدامهم وظهر لكلّ ذي عينين أنّهم الثابتون وغيرهم المتغيّرون وأنهم المصيبون وغيرُهم المخطئون .
نسأل الله أن يهدي ضالّ المسلمين ."
✍:الدكتور صالح بن عبدالله العصيمي-وفقه الله-

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جزاك الله خيرا على تعليقك.