الأربعاء، 27 ديسمبر 2017

العالم الذي مات في مكتبته.









الشيخ العلامة المحدث الفقيه إبراهيم الصبيحي الخالدي أستاذ السنة بجامعة الإمام محمد بن سعود رحمه الله

جاورته سنين في حي الخالدية ؛ فلنعم الجار ، ولنعم الصاحب ، ولنعم العالم ، ولنعم المعلم ..

فجعنا بخبر أزمته ( وفاته دماغيا ) يوم الجمعة قبل الماضي ، وقد فجأه المصاب سحرا في مكتبته،كان من عادته رحمه الله أنه يقوم في ساعة من آناء الليل ويصلي ما كتب الله له ثم يلج مكتبته في جلسة بحثية طويلة متصلة ربما لم يخرج منها إلا قبل الظهر وبعده ، إلا ما يتخللها من خروج إلى المسجد ..

وهذا معهود من الشيخ ومعروف عنه ؛ فقد كان بحّاثة دؤوبا صبورا جلدا على البحث والتنقيب ، ولذلك لم يتفطن أهله حتى تأخر عن عادته في الخروج إليهم ، فوجدوه في المكتبة راقدا بين كتبه ، ونقل إلى المشفى فلم يفق حتى فارق الحياة البارحة،وبهذا يصدق عليه المقولة المأثورة عن الإمام أحمد : مع المحبرة إلى المقبرة ،وقال بعضهم:مع المحبرة إلى المقبرة ، ومع الدواة حتى الممات ، وقال ابن المبارك وقد سئل حتى متى تشقى في الطلب ؟ فقال : حتى الممات إن شاء الله ؛ لعل الكلمة التي تنفعني لم أسمعها أو لم أكتبها بعد ، وقال آخر - ولا يصح حديثا - اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد ، والمعنى صحيح ، وفي سنن الترمذي عن أبي سعيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لن يشبع المؤمن من خير يسمعه حتى يكون منتهاه الجنة ) ..

وكم من عالم مات على مصحفه أو كتابه !!

ومما ذكر عن العلامة الكبير عبد الرحمن السيوطي رحمه الله أنه ولد في مكتبة أبيه بين الكتب ، بعث أبوه أمه لتبحث له عن كتاب ففجأها الطلق فوضعته ؛ وكان السيوطي شغوفا بالمطالعة دؤوبا على البحث ، احتبس بعد الأربعين في مكتبته في غرفة مطلة على النيل عشرين سنة لم يفتح نافذتها ليتفرج على النيل في أصبوحة أو أمسية وينعم بنسيمه الرقراق ؛ وذلك بسبب شغله بالبحث والتصنيف ؛ فصنف المصنفات المطولة في أنواع علوم الفقه والحديث والتفسير والنحو واللغة والتاريخ ومات وعمره إحدى وستون سنة رحمه الله تعالى ، وأخبار العلماء كثيرة

جاورت الشيخ الحبيب إبراهيم وكان يشهد معنا الجمعة ويصلي معي التراويح ويتصدى لأسئلة المصلين مكتوبة في قيام الليل الأول والأخير ولا يجيب على السؤال مهما كان واضحا إلا بعد جولة من البحث والاستقصاء ؛ لورعه وأمانته العلمية !!

وعرفته بالتقوى والصدق والورع ؛ كان لا يحب أن يذكر عنده أحد بسوء خاصة أهل العلم مهما كان هذا الإنسان ، وإذا انفلت لسان جليسه بذكر أحد نفض رأسه وكرر الاستغفار .

وكان حريصا على لزوم الجادة ومسلك الجمهور وعدم الانفراد بالقول إلا إذا كان الدليل كالشمس وضوحا ونقاء ، ويقول : رأي علمائنا لنا أصح وأنصح من رأينا لأنفسنا وغيرنا ؛ لهذا وفي خضم الجدل والسجالات العلمية حول بعض المسائل صنف فيها بعد بحث وفحص : كمصنفه في مشروعية التراويح عشرين ركعة ، ومصنفه في عدم وجوب زكاة الحلي المستعمل ، وتأليفه في وقت صلاة الفجر ، وغيرها من المسائل التي تكثر فيها الجدالات والسجالات ..

ومن تواضعه وتحوطه رحمه الله أنه كان إذا فرغ من مسودة كتاب دفعه إلى عدة أشخاص يراجعون عليه وبعضهم من طبقة تلامذته ، وكان يحرجني بمثل هذا الطلب تواضعا وتربية منه رحمه الله ؛ وإلا فمثلي لا يعقب على مثله .

فليت الشبيبة المتصدين للبحث يستفيدون من أدب الشيخ وورعه في هذا الجانب ..

وكان بارا بوالدته رحمها الله وجمعهما في جناته كان لا يأتي إلى المسجد في رمضان إلا معها يمشي خلفها أدبا ويلين الخطاب لها برا وتنتظره بعد الصلاة لدى الباب ؛ فإذا لمحها واقفة قطع جوابه وخطابه واعتذر للسائل والمحادث وقال : أمي وانصرف .

وكان إذا لحظ عليّ شيئا في الخطبة تقدم إلي وقدم بمقدمات وأضفى علي من ألقاب لا أستحق بعضها وأطنب في الثناء على الخطبة ، ثم أبدى ملحوظته على استحياء شديد وتحرّج ؛ ولولا الأمانة ما فعل رحمه الله .

وكان كريما جوادا له في بيته مجلس عامر يدعونا ويستضيف المشايخ ولا تسمع في مجلسه حديثا عن الدنيا أو الناس إلا فائدة علمية ونقاشا هادفا ..

وكان شديد التوقير للعلماء الأموات منهم والأحياء المتقدمين والمتأخرين يدعو لهم ويذكر فضائلهم ويعتذر لهفواتهم ، حتى كنت في حماس الشباب أعترض أحيانا وأقول : فعل وقال . فيقول : يا فضيلة الشيخ لو كتبنا ما كتبوا لكانت عثراتنا أكبر وأكثر الله يسترنا بستره وكان لا يخاطبني إلا بهذا تواضعا وأدبا مع أني أضع نفسي في خانة تلاميذه..

وفي حدّة الحملة على الشيخ عبد الفتاح أبو غدة كان يذكر حسناته ويستغفر له ..

ومع ذلك كان غيورا على منهج السلف موقرا له

وسيرته حافلة عاطرة وحياته مدرسة في التقوى والورع والعلم والخلق الرفيع ..

رحمه الله ورفعه في عليين وخلفه في عقبه في الغابرين وجعله مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، وأحسن عزاءنا وأهله وجبر مصابنا بفراقه وفقده

وبارك في أبنائه الشيخ صالح وإخوانه وأخواته وأهله،والحمد لله رب العالمين


بقلم دمحمد احمد الفراج

العبث العقلاني في قضية احتمالية النصوص وظنيتها.







بسم الله الرحمن الرحيم


العبث العقلاني

في قضية احتمالية النصوص وظنيتها


نبتت نابتة في هذا الزمان خاصة أخذت على عاتقها إعادة (قراءة وتفسير ) النصوص الشرعية من القرآن والسنة حسب ما تمليه عليها (عقولها وأهواؤها)؟!، دون تقيد بالضوابط والقيود والشروط العلمية المنضبطة التي اجتمعت عليها الأمة وعلماؤها، وارتضوها خلفا بعد سلف، بل "تفلتوا"!!! حتى من عقال اللغة ودلالاتها ومنطقها الذي (تواتر) عن العرب قبل الإسلام(!!)، مما يجعل الناظر متعجبا من هذا العبث ومستغربا من التأويلات الفجة التي خرج بها هؤلاء القوم متمسكين بتأصيلات مقررة عند أهل العلم إلا أنهم فهموها (وفق أهوائهم) تدليسا على الناس حتى لا يرموا بـ (التنكر لقواعد العلماء والخروج عن سنن الفقهاء)؟!، ومن ذلك: (قضية احتمالية النصوص وظنيتها).

فمما هو معلوم عند أولي النظر والبحث العلمي في مجال استنباط الأحكام الشرعية وتقريرها وجود (أحكام ملزمة)، لوضوح دلالة النصوص الشرعية عليها وأخرى على عكسها، لأنها اجتهادية يسع فيها النظر والاختلاف، ووجه ذلك (احتمالية) النصوص فيها لأكثر من معنى و(لظنية) أدلتها كما قال ابن أبي الأصبع - رحمه الله - في معالمه:

والاجتهاد إنما يكــــون****في كل ما دليله مظنــــون

أما الذي فيه الدليل القاطع****فهو كما جاء ولا منازع

فمع تقرير هؤلاء لهذا الأمر من جهة صورة (التنظير والتأصيل)؟! إلا أن الواقع يشهد بأن (فهمهم وتصورهم) له باطل وعليل(!!)،ذلك لـ (توسعهم)؟! في قضية

(احتمالية) دلالة نصوص الكتاب والسنة و(ظنيتها)، فصار الاعتماد عندهم على (مجرد الاحتمال والظن) بناء على عدم اعتقاد (قدسية النصوص)؟!، والدعوى إلى (إعادة تشكيل دلالة النصوص وفق الواقع والثقافات المتغيرة)!! كل ذلك تحررا من وطأتها حتى خرجوا بذلك إلى مذاهب بعيدة منكرة خالفوا فيها (المألوف عند الفقهاء في طرق الاستنباط وقواعد الاستدلال)؟!!.

وحتى يظهر (عبثهم) ويتبدى (سوء مسلكهم) يجب النظر في ذاك الاحتمال والظن (صحة وبطلانا)؟! و(قربا وبعدا)؟! فتنبه، فإن "الأصل عدم..الاحتمال البعيد" (أضواء البيان 3/396)، بل هو أصالة مردود غير سديد لأن الاحتمالات البعيدة هي في حكم النادر "والنادر لا حكم له" (المدارج 1/45)، و"إذا فتح أورث الاضمحلال لكل ما يعول عليه في الاستدلال" (الجرح والتعديل للعلامة جمال الدين القاسمي 36)

والذين رفعوا راية ذلك غرضهم (تحريف الكلم) عن مواضعه، و(ليّ أعناق النصوص)، حتى تفقد النصوص الشرعية (هيبتها)؟!، وجعلها لعبة في أيديهم.

وقد جعلوا مسمى (التأويل)؟! في عملهم هذا (ملاذهم وملجأهم)!!، ليضفوا على أعمالهم (الصبغة الشرعية)!! تمريرا لأفكارهم ومعتقداتهم التابعة (للفلسفات البشرية) و(الأهواء الشخصية) القائمة على (التوهمات)، و(الأقيسة العقلية الفاسدة) التي أوحى بها إليهم شياطين الإنس من المستشرقين الغربيين(!!).

والباعث لهؤلاء على هذا الصنيع أنهم ضاقوا ذرعا بمن ينادي بالتمسك بالقرآن والسنة، والأخذ بأحكام الدين، والعمل بها في حين لأنها (صالحة ومصلحة) لكل مكان وزمان، فافتروا على الله الكذب والبهتان، بجعل (اليقينيات ظنيات)!، و(الواضحات محتملات)!، و(المسلمات قابلة للأخذ والرد)! ، والتقول والقيل والقال، والله المستعان.

فالواجب شرعا الأخذ بأدلة النصوص الشرعية، وطرح الاعتماد على الاحتمال والظن البعيد، فهذا الأخير أشبه بـ (الأوهام)! و(الخيالات)! و(التلاعب في الحقائق الواضحات)!.

قال الامام ابن قدامة - رحمه الله -:" لو فتح باب الاحتمال لبطلت الحجج" روضة الناظر 2/463.

وقال الإمام الشاطبي المالكي - رحمه الله -: "(مجرد الاحتمال) إذا اعتبر أدى إلى انخرام العادات والثقة بها، وفتح باب السفسطة وجحد العلوم ويبين هذا المعنى في الجملة ما ذكره الغزالي في كتابه المنقد من الضلال بل ما ذكره السوفسطائية في جحد العلوم، فبه يتبين لك أن منشأها تطريق الاحتمال في الحقائق العادية أو العقلية فما بالك بالأمور الوضعية.

ولأجل اعتبار (الاحتمال المجرد) شُدِّد على أصحاب البقرة إذ تعمقوا في السؤال عما لم يكن إليه حاجة مع ظهور المعنى وكذلك ما جاء في الحديث في قوله: (أحجُّنا هذا لعامنا أو للأبد) وأشباه ذلك.

بل هو أصل في الميل عن الصراط المستقيم، ألا ترى أن المتبعين لما تشابه من الكتاب إنما اتبعوا فيها (مجرد الاحتمال) فاعتبروه وقالوا فيه وقطعوا فيه على الغيب بغير دليل فذمُّوا بذلك وأمر النبي - عليه الصلاة والسلام - بالحذر منهم" الموافقات 5/402.

وقد يقول بعضهم إن هذا الكلام منزل على الأخذ بمجرد الاحتمال في مقابلة النص بالمعنى الخاص عند الأصوليين، و(هو الذي لا يحتمل إلا معنى واحدا)، وأما إذا كان بخلاف ذلك فالأمر فيه سعة، فنقول: هذا الإطلاق باطل لأنه من أنواع الأدلة الشرعية ما يسمى عند علماء الأصول بـ (الظاهر) وهو: "ما احتمل معنيين فأكثر، هو في أحدهما أرجح، أو ما تبادر منه عند الإطلاق معنى مع تجويز غيره" أنظر روضة الناظر 2/29.

وحكمه: أن يُسار إلى المعنى الظاهر ولا يجوز العدول عنه (إجماعا)؟! إلا بدليل أقوى منه ومعارض له من كل وجه، فتذكر ولا تتنكر .

يقول الرازي - رحمه الله -: " أن الظنين إذا تعارضا ثم ترجح أحدهما على الآخر كان العمل بالراجح (متعيناً عرفاً فيجب شرعاً)!!، وقد (أجمع) الصحابة على العمل بالراجح، ولأنه لو لم يعمل بالراجح لزم العمل بالمرجوح، و(ترجيح المرجوح على الراجح ممتنع في بدائه العقول)!!!" المحصول 5/398.

ويقول الجويني - رحمه الله -: " أن الظاهر حيث لا يطلب العلم - القطع - معمول به، والمكلف محمول على الجريان على ظاهره في عمله ….، فالمعتمد فيه والأصل التمسك بإجماع علماء السلف والصحابة ومن بعدهم، فإنا نعلم على قطع أنهم كانوا يتعلقون في تفاصيل الشرائع بـ (ظواهر الكتاب والسنة)" أنظر البرهان في أصول الفقه للجويني 1/337-338.

ونقل الونشريسي المالكي - رحمه الله - في "نوازل الصلاة" عن ابن لب – رحمه الله - ما نصه:" والخلاف كثير و(ظواهر الشريعة)! هي الجادة بحيث يجب الرجوع إليها عند اشتباه الطرق واختلاف الفرق" المعيار المعرب 1/297-298.

وقال الإمام ابن المنذر – رحمه الله - فيمن ترك (ظاهر الأخبار) واعتذر بـ (لعل): "ترك (ظاهر الأخبار) بأن يكرر (لعلَّ) في كلامه وقلَّ شيء إلا وهو (يحتمل لعل)، وترك (ظاهر الأخبار) غير جائز (للعل)" الأوسط 11/226.

فلو جاز مخالفة ظواهر النصوص الشرعية بـ (توهمات العقول) و (آرائها) لكان إرسال الرسل و إنزال الكتب عبثاً - وحاشا لله -، ولترك الله للناس تدبير أمورهم بأنفسهم، ولما توعد في عشرات الآيات ومئات الأحاديث من لم يطع الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - بالعذاب الأليم..

ومن عظيم ما قرره الإمام الشاطبي - رحمه الله - في هذا الباب قوله:" وما فيه احتمالات لا يكون نصا على اصطلاح المتأخرين، فلم يبق إلا الظاهر والمجمل، فالمجمل الشأن فيه طلب المبين أو التوقف.

فـ (الظاهر هو المعتمد)، إذا فلا يصح الاعتراض عليه لأنه من التعمق والتكلف وأيضا لو جاز الاعتراض على المحتملات لم يبق للشريعة دليل يعتمد لورود الاحتمالات وإن ضعفت، والاعتراض المسموع مثله يضعف الدليل فيؤدي إلى القول بضعف جميع أدلة الشرع أو أكثرها وليس كذلك بـ (اتفاق)" الموافقات 4/ 325.

ولأجل ذلك كله قرر العلماء - رحمهم الله - أن المحتمل والظن " الذي تقوم به حجة هو الذي يتطرق إليه (احتمال معقول)، أو (ظن مقبول) جار على (قوانين التأويلات)؟!، و(الأوجه المعروفة في نظائره)؟!، وأما احتمال في مقابلة (حقيقة ثابثة) و(أمر واضح) فلا يقال له احتمال وإنما هو (تلاعب)! و(هوس خيال)!" الجرح والتعديل للعلامة جمال الدين القاسمي – رحمه الله - 37- 38 بتصرف يسير.

وقال الإمام القرافي المالكي - رحمه الله -: "الاحتمال (المعتبر) إنما هو الاحتمال (المساوي المقارب)، وأما المرجوح فلا " الفروق 1/227-مختصره.

وقال الإمام الزركشي - رحمه الله -:" لا عبرة بالاحتمال، (فإنه إذا لم ينشأ عن دليل كان ساقط العبرة)، وإلا لم يوثق بمحسوس" تشنيف الأسماع ق1/ص:325.

وقال علاء الدين البخاري الحنفي - رحمه الله -:" وعندنا لا عبرة (للاحتمال البعيد) وهو الذي لاتدل عليه قرينة" كشف الأسرار1/128.

ومما ينبغي أن يعلم في هذا الصدد أن العلماء قد اتفقوا على دور وأثر (القرائن السياقية) فيما يخص الظنون والاحتمالات، وعليه فإن دلالة اللفظ تكون (ظنية) في "ذاتها" لكن قد(يقطع) بالمعنى مراعاة للقرائن و السياق.

يقول التلمساني المالكي - رحمه الله -:" قد (يتعين) المعنى ويكون (نصا) فيه بـ (القرائن والسياق)، لا من جهة الوضع" مفتاح الوصول 43.

وبناء على ما مر فإن (الاجتهاد المعتبر) بناء على (ظنية دلالة النص = الدليل) هو ما كان قائما على (احتمال مساو) مستند إلى (أدلة شرعية)، و(قواعد مرعية)، و (مقاصد علية) يراعى فيه (السياق)، و(فهم السلف الصالح).

قال الإمام الشاطبي - رحمه الله -: "مجال (الاجتهاد المعتبر) هي ما (ترددت) بين طرفين، وضح في كل واحد منهما قصد الشارع في الإثبات في أحدهما والنفي في الآخر، فلم تنصرف ألبتة إلى طرف النفي ولا إلى طرف الإثبات" الموافقات 4/155.


كتبه:

أبو أويس رشيد بن أحمد الإدريسي الحسني عامله الله بلطفه الخفي وكرمه الوفي

كتاب "سبل السلام" من " البدر التمام ".







قال معالي العلامة صالح آل الشيخ

• - حفظه الله تبارك وتعالى - :


كتاب "سبل السلام" لم يؤلفه الصنعاني أصلًا ، وإنما اختصر به كتاب " البدر التمام " لأحد علماء الزيدية ، وأضاف عليه بعض الأقوال ، ولهذا تجد في هذا الشرح - عدمَ تحقيقٍ في المسائل المنسوبة -للإمام أحمد ، والإمام مالك رحمهما الله في مذهبيهما ، وتجد فيه - هفوات كثيرة - بسبب أن الأصل المختصر منه على هذا .


📜【‏ الطريق إلى النبوغ العلمي (١٤٤/١)】

{فنون الرد }




- سئل الملك فيصل كي يحرج :

نرى لحيتك سوداء وشعر رأسك أبيض !؟

فقال : نبت شعر رأسي قبل لحيتي بعشرين سنة !!

///
أراد رجل إحراج المتنبي

فقال لـه : رأيتك من بعيد فـظننتك امرأة !!

فقال المتنبي : وأنا رأيتك من بعيد فظننتك رجلاً!

///
قال وزير بريطانيا السمين تشرشل لبرناردشو النحيف :

من يراك يا شو يظن بأن بريطانيا في أزمة غذاء ! فقال : ومن يراك يعرف سبب الأزمة.

///
أقبل جحا على قرية فرد عليه أحد أفرادها قائلاً : لم أعرفك يا جحا إلا من حمارك !!

فقال جحا : الحمير تعرف بعضها!

///
رأى رجل امرأه فقال لها :كم أنت جميلة!!!!

فقالت له : ليتك جميل لأبادلك نفس الكلام !

فقال لها : لابأس اكذبي كما كذبت.

///

كانت حزينة فقال لها : أنت ثاني أجمل فتاة رأيتها .. قالت : ومن الأولى ؟ .. فـقال : أنت حين تبتسمين ♡

///
التقى الجاحظ بامرأة قبيحة في أحد حوانيت بغداد فقال : " وإذا الوحوش حُشرت " فنظرت إليه المرأة وقالت : " وضرب لنا مثلاً ونسي خلقه "

///
كانت امرأة تسوق أربعة حمير وإذا بشابين سائرين بجانبها فقالا لها: صباح الخير يا أم الحمير فأجابتهما على الفور: صباح النور يا أولادي.

///
گان رجل مسن منحني الظهر يسير في الطريق فقال له شاب بسخرية : بكم القوس يا عم ؟ قال : إن أطال الله بعمرك سيأتيك بلا ثمن '

///
أكل أعرابي عند أمير وكان شرهاً، فقال الأمير : مالك تأكل الخروف كأن أمه نطحتك !؟ فرد الأعرابي : ومالك تشفق عليه

كأن أمه أرضعتك؟؟

الثلاثاء، 26 ديسمبر 2017

شرح حديث "يا معشر من آمن بلسانه..." تتبع عورة المسلم وغيبته.

عن أبي بَرْزة الأسلميّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ، وَلَمْ يَدْخُلِ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ: لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ، وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنِ اتَّبَعَ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِع اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ يَتَّبِعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ) رواه أحمد وأبو داود وابن حبّان، وصحّحه ابن حبّان والألباني.

يروي لنا الصّحابيُّ الجليل أبو بَرْزة الأسلميّ نَضْلة بن عبيدٍ رضي الله عنه وأرضاه، هذا التوجيه النّبويّ والوصيّة المُهمّة، التي تحذّر من سّلوك مَشِين وفعل آثمٍ، يستوجب لصاحبه الوقوع في دائرة النّفاق أو القَدح في الإيمان، وكذا الفَضيحة بين النّاس.

سبب ورود الحديث

ورد في بعض روايات الحديث: أنّ النّبي صلّى الله عليه وسلّم بلغه أنّ ناسًا من المنافقين ينالون ناسًا من المؤمنين، فرفع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم صوته، فقال: (يا معشر من آمن بلسانه...)، وفي رواية: نادى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى أَسْمع العَوَاتق -أي البنات الأبكار اللاتي يحتجِبْن عن الأعين والأنظار في الخُدُور-، فقال: (يا معشر منْ آمن بلسانه..) الحديث.

شرح الحديث

قال النّبي صلّى الله عليه وسلّم: (يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ، وَلَمْ يَدْخُلِ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ): هذا النّداء وما بعده يدلّ على أن الصّفات والأفعال التي ستُذكر لاحقًا "غيبة المسلم وتتبّع عوراته" من شعار المنافقين، أو من سمات ناقصي الإيمان، ونظيره في كلام الله عزّ وجلّ: {قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} [الحجرات:14]، حيث فُسّرت الآية بأنّ المقصود بها أناس منافقون -وهو قول البخاريواختياره-، أو المقصود مؤمنون ناقصوا الإيمان، لم يتمكن الإيمان من قلوبهم، لديهم ضعف في الإيمان، وليسوا من المنافقين، ومثل ذلك يُقال في مُراد النّبي صلّى الله عليه وسلّم في هذا الحديث، بأن هذه الأفعال قد تدلّ على نقص في الإيمان أو تكون مؤشّرًا على النّفاق.

(لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ): أي لا تذكروا المُسلمين في غيبتهم بما يكرهون، وقد ورد النّهي عن الغِيبة في كتاب الله تعالى في قوله: {وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} [الحجرات:12]، وقد وضّح النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم معناها في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عندما قال لأصحابه: (أتدرون ما الغِيبة؟)، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: (ذِكْرك أخاك بما يكره), قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: (إن كان فيه ما تقول, فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهتّه) رواه مسلم.

(وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ): أي لا تجسّسوا عيوبهم ومساوئهم وزلّاتهم وهفواتهم، لأن من يفعل ذلك ينشغل عن إصلاح نفسه وتزكيتها.

(فَإِنَّهُ مَنِ اتَّبَعَ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِع اللَّهُ عَوْرَتَهُ): أي من حاول تتبّع عيوبهم ومساوئهم فإن الله عزّ وجل سيكشف عيوبه وزلّاته، ويُجازيه من جنس عمله، وقيل معناه: أنه سيجازيه بسوء صنيعه في الدّنيا والآخرة، جزاءً وفاقًا.

(وَمَنْ يَتَّبِعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ): أي يكشف الله عزّ وجلّ مساويه وعيوبه، وتحصل له الفضيحة، ولو كان في بيته مُختفيا من الناس، أي تصل إليه العقوبة والفضيحة، ويصل إليه جزاؤه في الدنيا قبل جزاء الآخرة الذي ينتظره.

التوجيه النبوي في الحديث

- الجزاء من جِنس العمل: يُجازي المرء بمثل فعله في السّوء والشّر (مَنِ اتَّبَعَ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِع الله عَوْرَتَهُ)، وكذلك الأمر في الخير والبِرّ (مَنْ سَتَرَ مُسلِمًا سَتَرَه اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَة) متّفق عليه.

- مراقبة النّاس وتتبّع أحوالهم تُفسد ولا تُصلح: قد يظنّ البعض أن مراقبة النّاس تُصلحهم، لكن هذا الحديث ينفي ذلك ضمنيًّا، وأمّا نفيه بشكل مباشر فقد ورد في حديث معاوية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أعرضوا عن النّاس، ألم تر أنّك إن ابتغيت الرّيبة في الناس أفسدتهم، أو كدت تُفسدُهم) رواه البخاري في الأدب المفرد وصحّحه الألباني، يقول المُناوي رحمه الله: "أي ولّوا عن النّاس، ولا تتّبعوا أحوالهم، ولا تبحثوا عن عَوْراتهم، ألم تعلم أنّك إن اتبعت التّهمة فيهم لتعلمها وتُظهرها؛ أوقعتهم في الفساد، أو قاربت أن تُفسدهم؛ لوقوع بعضهم في بعضٍ بنحو غيبة، أو لحصول تُهمةٍ لا أصل لها، أو هتك عرض ذوي الهيئات المأمور بإقالة عثراتهم، وقد يترتب على التفتيش من المفاسد ما يربو على تلك المفسدة التي يُراد إزالتها، والحاصل أنَّ الشارع ناظرٌ إلى السّتر مهما أمكن، والخطاب لولاة الأمور ومن في معناهم"، ويقول في موطنٍ آخر: "إن الأمير -أو المسؤول- إذا ابتغى الرِّيبة، أي: طلب الرِّيبة، أي: التّهمة في النّاس بنيّة فَضْحِهم، أفسدهم وما أمهلهم، وجاهرهم بسوء الظّنّ فيها، فيؤدّيهم ذلك إلى ارتكاب ما ظنَّ بهم ورُمُوا به ففسدوا، ومقصود الحديث الحثُّ على التغافل، وعدم تتبّع العورات، فإنَّ بذلك يقوم النظام، ويحصل الانتظام، والإنسان قلَّ ما يسلم من عيبه، فلو عاملهم بكلِّ ما قالوه أو فعلوه اشتدت عليهم الأوجاع، واتسع المجال، بل يستر عيوبهم، ويتغافل، ويصفح، ولا يتبّع عوراتهم، ولا يتجسّس عليهم".

- ذِكْر عيوب النّاس يُوقعك في الزّلل: من شُؤم ذِكر عيوب النّاس ما رُويَ عن بعض السَّلف أنَّه قال: "أدركتُ قومًا لم يكن لهم عيوبٌ، فذكروا عيوبَ النّاس، فذكر النّاسُ لهم عيوبًا، وأدركتُ أقوامًا كانت لهم عيوبٌ، فكفُّوا عن عُيوب الناس، فنُسِيَت عيوبهم"، والجزاء من جنس العمل.

الأحد، 24 ديسمبر 2017

(بئس ما صنع) ماصنع من يهجر أخاه من التجريح- حجز المكان في المسجد للدرس- للتحميل --عبد المحسن بن حمد العباد البدر






الشيخ العلامة/
عبد المحسن بن حمد العباد البدر
حفظه الله:
(بئس ما صنع)
من يهجر أخاه ولا يسلم عليه لأجل أنه
لم يوافقه في تجريح بعض المشايخ؟!

حجز المكان في المسجد للدرس بالكتب...
🔗 رابط صوتي 🔊:

http://d.pr/a/1iZ5i

كتب وبحوث صدرة في السنة الماضية للتحميل.



بشرى:
صدر العدد الجديد (1/28) من مجلة الدراسات الإسلامية، ويحتوي العدد على الآتي:

موقف اليهود والنصارى من تكفير المخالفين: دراسة مقارنة في ضوء الإسلام، د. خالد الشنيبر
https://goo.gl/uXSOFu

التفسير المقاصدي: تأصيل وتطبيق، د. مشرف الزهراني
https://goo.gl/BhNN9z

شرط الاستيطان وأثره في المسائل الفقهية، د. ياسر الدوسري
https://goo.gl/Xtn44U

الملكة الحديثية: الأهمية والوسيلة، د. خالد أبا الخيل
https://goo.gl/Nf5Mk2

أثر خطاب الوضع في تغير الفتوى "تأصيلا وتطبيقا"، د. يوسف صلاح الدين طالب
https://goo.gl/q8AGYz

رسالة في التكرار الواقع في القرآن الكريم للشيخ أبي حفص محمد عمر بن عبدالغني الشهير بابن الغزي الدمشقي (ت1227) "دراسة وتحقيق"، أسامة الحياني
https://goo.gl/BhTOCS

حقيقة الهوية الإسلامية ومظاهرها في كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم، لابن تيمية "قراءة ثقافية للكتاب"، مها الجريس
https://goo.gl/yfahO3

مصطلح "روى عنه الناس" ودلالته على التعديل، د.عبدالمحسن التخيفي
https://goo.gl/bcW2Zf

عرض عن كتاب
https://goo.gl/5OyC4N

تقرير عن رسالة علمية
https://goo.gl/8aa2rt

أحدث الإصدارات العلمية
https://goo.gl/r3pT9k

إعلان عن ندوة دولية
مرت.
https://goo.gl/yCAqx5

أحدث الرسائل العلمية المناقشة
https://goo.gl/F7F073

أحدث الرسائل العلمية المسجلة

https://goo.gl/N2UPLS

ﻟﻴﺤﺬﺭ ﻛﻞ ﻣﺴﻠﻢ ﺃﻥ ﻳﻐﺘﺮ ﺑﺎﻷﻛﺜﺮﻳﻦ- ابن باز رحمه الله.



قال الإمام عبد العزيز ابن باز
• - رحمه الله تبارك وتعالى - :

• - ﻭﻟﻴﺤﺬﺭ ﻛﻞ ﻣﺴﻠﻢ ﺃﻥ ﻳﻐﺘﺮ ﺑﺎﻷﻛﺜﺮﻳﻦ ، ﻭﻳﻘﻮﻝ : ﺇﻥ اﻟﻨﺎﺱ ﻗﺪ ﺳﺎﺭﻭا ﺇﻟﻰ ﻛﺬا ، ﻭاﻋﺘﺎﺩﻭا ﻛﺬا ، ﻓﺄﻧﺎ ﻣﻌﻬﻢ ، ﻓﺈﻥ ﻫﺬه ﻣﺼﻴﺒﺔ ﻋﻈﻤﻰ ، ﻗﺪ ﻫﻠﻚ ﺑﻬﺎ ﺃﻛﺜﺮ اﻟﻤﺎﺿﻴﻦ ،

• - ﻭﻟﻜﻦ ﺃﻳﻬﺎ اﻟﻌﺎﻗﻞ ، ﻋﻠﻴﻚ بالنظر ﻟﻨﻔﺴﻚ ﻭﻣﺤﺎﺳﺒﺘﻬﺎ ﻭاﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﺎﻟﺤﻖ ﻭﺇﻥ ﺗﺮﻛﻪ اﻟﻨﺎﺱ ، ﻭاﻟﺤﺬﺭ ﻣﻤﺎ ﻧﻬﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻭﺇﻥ ﻓﻌﻠﻪ اﻟﻨﺎﺱ ، ﻓﺎﻟﺤﻖ ﺃﺣﻖ ﺑﺎﻻﺗﺒﺎﻉ ،

• - ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿ وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّه ِ﴾
• - وقال تعالى ﴿ وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ﴾

• - وقال بعض السلف رحمهم الله : لا تزهد في الحق لقلة السالكين ولا تغتر بالباطـل لـكثرة الـهالكين .

📜【‏ مجموع فتاوى ( ٤١١/١٢ ) 】

الهجوم على منهج السلف ليس جديدًا - د. حميد العقرة.


د. حميد العقرة

هوية بريس – الأحد 14 فبراير 2016

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد؛

السلفية يا سادة هي الاتجاه المقدِّم للنصوص الشرعية على البدائل الأخرى منهجا وموضوعا، الملتزم بهدي الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه علما وعملا، المطرح للمناهج المخالفة لهذا الهدي في العقيدة والعبادة والتشريع.

والهجوم على منهج السلف ليس جديدًا، بل هو قديم، حيث كانت كل طائفة ترى في مذهبها الحق وتعادي من يخالفه، ولما كان السلف هم الوسط المخالفين لأهل الغلو والجفاء والإفراط والتفريط نالهم من كافة الطوائف المنحرفة ما نالهم، وها نحن اليوم نرى خصوم الدعوة السلفية يتكالبون عليها بشتى القذائف والتهم لتشويه جمالها، وتوسيع الهوة بينها وبين المسلمين.

يحاربونها لأنها تزعزع بنيانهم المنهار عقديا وسلوكيا (التصوف)، هل تعلم أن أخطر عدو على أمريكا وحلفائها وقوى الكفر بصفة عامة هو السلفية، وأقصد بالسلفية: سلفية الوسطية والاعتدال لا سلفية الغلو والانحلال، سلفية أبي بكر الصديق لا سلفية التوفيق وأبي حفص الرفيق، كلها تمثيليات يزاحمون بها السلفية الحقة التي لا تقبل المساومة ولا التلفيق.

يحاربون السلفيين والذين تصفهم أمريكا بأنهم أصوليون وهابيون أي: أتباع الشيخ «محمد بن عبد الوهاب رحمه الله» لأنهم لا يلتزمون بالمعايير الأمريكية لفهم الإسلام، وبلدنا المغرب هو ضحية هذا المخطط الرهيب ضد هذه الدعوة بزعم الحفاظ على الثوابت المغربية والإسلام المغربي والخصوصية المغربية، وكأن لنا دينا وللمشرق دينا!!

السلفية هي منهج في التفكير يلتزم الطريقة التي فهم بها سلف هذه الأمة الأخيار -وهم علماء القرون الأربعة الأولى- القرآنَ الكريم والسنَة الثابتة، وهي أيضاً منهج في الإصلاح يقوم على أن ما صلح عليه أمر المسلمين في أول بزوغ الإسلام هو الذي يصلح به أمر زماننا هذا والأزمان القادمة بعدها وحتى قيام الساعة، شعارهم كلمة الإمام مالك الذهبية: «ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها»، وهي التي صاغها العلامة البشير الإبراهيمي بقوله: «لنا في الدعوة الإصلاحية سلفًا صالحًا يبتدئ بأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا ينتهي إلا بقيام الساعة، وإنَّ لهم في بدعهم وضلالاتهم سلفًا طالِحًا يبتدئ من الشيطان ولا ينتهي إلا بقيام الساعة» آثاره (1/330).

الحرب اليوم على السلفية حرب الأفكار والعقول حسب تعبير «بول وولفويتز» أحد مهندسي الحرب على العراق، ونائب وزير الدفاع الأمريكي سابقا، وأحد الصقور الخطيرة في الإدارة الأمريكية في عام 2002م حين قال: «إن معركتنا هي معركة الأفكار ومعركة العقول»، ليصبح الإسلام فارغا من محتواه الذي ارتضاه الله تعالى القائل في محكم تنزيله: (إنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ)، الإسلام الذي يريده الله تعالى لا إسلام أمريكا ومن تمسك بذيلها.

وبعد مؤتمرات ولقاءات خلصوا إلى ضرب العقيدة والفقه والحضارة والتاريخ ونظم الاجتماع والتشريع والتعليم وفقه الأسرة واللائحة طويلة. وذلك عن طريق تشجيع تيارات ومناهج أخرى لكي تقوم كبديل للمنهج السلفي في الدول الإسلامية، وترتكز فكرة الاستبدال على وجود رغبة عامة وعارمة لدى الجماهير في التدين، ولسان حالهم يقول: نعم مع الجماهير في التدين لكن التدين بلبوس آخر ومقاس معين، لأنهم علموا أن فكرة تجفيف منابع التدين واستبدال الدين بأفكار علمانية براقة مخطط فاشل، فبدأ الكثيرون ينتقلون إلى المرحلة التالية وهي: فلندع المسلمين يتدينون كما يريدون، لكن لنقدم لهم نحن المقاس المناسب للتدين.

ولأن خطورة السلفيين بالنسبة لخصومهم في أنهم يقودون الناس إلى التدين بسرعة عجيبة تربط بين الواقع ومصادر التشريع، مع ثبات على المبدأ.

وهنا ستبدأ مرحلة جديدة مختلفة تماما عن السابق للتعامل مع دعاة السلفية، تتمثل فيما يلي على الترتيب:

أولا: استقطاب دعاة السلفية واحتواؤهم من قبل من يمثلون الشأن الديني في البلاد حسب تعبيرهم، وقد نجحت الوزارة الوصية في بلدنا إلى حد كبير في هذا المخطط عن طريق المناصب والإكراميات وغيرها، فأصبح حال دعاة السلفية المستقطبين: إما الانسلاخ من ثوب السلفية والبراءة منها والمجاهرة بنقيضها عقيدة وسلوكا في الخطب والمحاضرات والتأليف، وإما السكوت مع اعتقاده أن الخط الرسالي للوزارة محض الضلال، لكن نسدد ونقارب.

ثانيا: الإقصاء والتوقيف في حال الخروج عن خط الثوابت المغربية.

فهذا هو حال السلفية المفترى عليها عالميا ومحليا، لكن أقول لإخواني الدعاة: إن منابر الدعوة بعدد الأنفاس لمن نشطت قريحته وصدقت نيته، ولله در الحافظ الذهبي في قوله: «الصدع بالحقِّ عظيمٌ يحتاج إلى قوَّةٍ وإخلاصٍ، فالمخلص بلا قوَّةٍ يعجز عن القيام به، والقويُّ بلا إخلاصٍ يُخْذَل، فمن قام بهما كاملًا فهو صدِّيقٌ، ومن ضَعُفَ فلا أقلَّ من التألُّم والإنكار بالقلب، ليس وراء ذلك إيمانٌ، فلا قوَّة إلَّا بالله» السير للذهبي (9/434)

وفاة الشيخ أبي أنس محمد آل نصر _ رحمه الله.

إنا لله..وإنا إليه راجعون..
لله ما أخذ..وله ما أعطى..
وكل شيء عنده إلى أجل مسمّى..
اللهم آجِرنا في مصيبتنا..وأخلِفنا خيراً منها..
لقد توفّي -قبل سُويعات-أخونا الكبير الكريم فضيلة الشيخ المقرئ الدكتور أبي أنس محمد موسى آل نصر-رحمه الله-..في حادث سير..قُبيل مدينة تبوك السعودية..
وهو رفيقُ عمري، وأخو دهري.. منذ أربعين سنة..
رافقتُه سفراً وحضراً..كرّاتٍ ومرّاتٍ.. حَجاً، وعمرة،ً ودعوةً...
آخرُها حجّ العام الماضي-برفقة فضيلة الشيخ مشهور حسن-..
وآخر لقاء كان ليلةَ أول أمس، مع صُحبة طيبة من المشايخ الكرام، وعدد من الإخوة الأفاضل..
فلم أر أطيبَ منه قلباً..ولا أروَح منه نفْساً..
وطالما وصفتُه بقولي:(قلبه كالعصفور)-رحمة الله عليه-...
جمعَنا الله وإياكم وإياه في جنته-برحمته-...مع الصالحين من عباده..
ولا نقول إلا ما يرضي ربنا...
علي حسن الحلبي
_____________؛
قلتُ في رثاء الدكتور (محمد موسى نصر) رحمه الله الذي توفي قبل سويعات :
فاضتْ دموعُ العينِ والأجْفانِ
والقلبُ ينزِفُ معشرَ الخلاَّنِ
قالوا توفي –شيخُنا- في حادثٍ
نحوَ الحجازِ وكعبةِ الرحمنِ
قلنا المهيمنُ يصطفي أحبابَهُ
في حسن خاتمةٍ مدى الأزْمانِ
أنكرتُ نفسي إذ سمعتُ نعيَّهُ
ووسمته بالزورِ والبهتانِ
لما تأكد كالصواعقِ قولهم
أسبلت دمعا فاض في الأجفانِ
فهرعتُ أمسح من جفوني دمعها
متماسكاً والقلب ذو خفقانِ
وركضتُ أرثي –شيخنا- لكنَّما
جفَّ المدادُ ولم تجب أوزاني
أفأستطيعُ رثاءَهُ وجهودُه
كالمسكِ فاحَ معطرَ الأكوانِ
(أمحمّدُ )الشيخُ الإمام بسنةٍ
خدن التقى ومصاحب القرآنِ
كم طالباً علمته أرشدتهُ
حتى استقامَ وفاز بالإيمانِ
كم تالياً قوَّمْتهُ صوبتهُ
حتى غدا في الذكر ذا إتقانِ
والقلب فيك نقيَّةٌ أنفاسُهُ
لم يحملنَّ الحقدَ للإخوانِ
السمتُ قرآنٌ يسير على الثرى
سبحان من يعطي بلا حسبانِ
وقضيت عمرك كالأسودِ مُدافعاً
عن سنةِ المختار بالتبيانِ
يبكيك قرآنٌ نشرت أريجه
وشرحته بمهارةٍ وبيانِ
يبكيك صحبك والأحبةُ كلُّهم
ورفاق درب في هدى المنانِ
يبكيك مسجدك الذي جنباتُهُ
شهدت صلاتك خاشع الأركانِ
يارب فارحم من أتاك ملبِّيا
وعليه منَّ بصحبة العدنانِ
يا ربِّ أكرم في القبور مقامَهُ
أنت العفوّ الخالق الأكوانِ
عنه تجاوزْ أنت غفَّارُ الخطا
وأفضْ عليه سحائبَ الغفرانِ
العامُ هذا عامُ حزنٍ للورى
قد فاض بالآلامِ والأحزانِ
فلقد فقدنا زمرة وأئمةً
مثلَ النجوم تضيء للحيرانِ
(فمحمدٌ)مع (صالحٍ) قد غيِّبوا
واليوم أفجعنا (بنصر) الباني
فارحمهمُ يا ربنا وأجرهمُ
من خزي يومئذٍ من النيرانِ
بهمُ إلهي فاجمعنَّا كلنا
عندَ الرسولِ و في أظلِّ جِنانِ
                                                                 الأستاذ:ﻟﻴﭭﻮﻥ الرَّنتاوي

السبت، 23 ديسمبر 2017

شرح حديث مثلي ومثلكم كرجل أوقد نارا فجعل الجنادب..

شرح رياض الصالحين.
ابن عثيمين رحمه الله.

عن جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلي ومثلكم كمثل رجل أوقد نارا فجعل الجنادب والفراش يقعن فيها وهو يذبهن عنها وأنا آخذ بحجزكم عن النار وأنتم تفلتون من يدي رواه مسلم .
الجنادب نحو الجراد والفراش هذا هو المعروف الذي يقع في النار .
والحجز جمع حجزة وهى معقد الإزار والسراويل .

الشَّرْحُ

قال المؤلف - رحمه الله تعالى - فيما نقله عن جابر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال مثلي ومثلكم كمثل رجل أوقد نارا أراد النبي عليه الصلاة والسلام بهذا المثل أن يبين حاله مع أمته عليه الصلاة والسلام وذكر أن هذه الحال كحال رجل في برية أوقد نارا فجعل الجنادب والفراش يقعن فيها .
الجنادب نوع من الجراد أما الفراش فمعروف يقعن فيها لأن هذه هي عادة الفراش والجنادب والحشرات الصغيرة إذا أوقد إنسان نارا في البر فإنها تأوي إلى هذا الضوء .
قال وأنا آخذ بحجزكم يعني لأمنعكم من الوقوع فيها ولكنكم تفلتون من يدي ففي هذا دليل على حرص النبي صلى الله عليه وسلم على حماية أمته من النار وأنه يأخذ بحجزها ويشدها حتى لا تقع في هذه النار ولكننا نفلت من ذلك ونأبى إلا الورود نسأل الله أن يعاملنا بعفوه فالإنسان ينبغي له أن ينقاد لسنة النبي صلى الله عليه وسلم وأن يكون لها طوعا لأن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما يدل على الخير واتقاء الشر كالذي يأخذ بحجزة غيره يأخذ بها حتى لا يقع في النار لأن الرسول عليه الصلاة والسلام كما وصفه الله في كتابه لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنَفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتِّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ صلوات الله وسلامه عليه ومن فوائد هذا الحديث أنه ينبغي للإنسان بل يجب أن يتبع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم في كل ما أمر به وفي كل ما نهى عنه وفي كل ما فعله وفي كل ما تركه يلتزم بذلك ويعتقد أنه الإمام المتبوع لكن من المعلوم أن من الشريعة ما هو واجب يأثم الإنسان بتركه وما هو محرم يأثم بفعله ومنها ما هو مستحب إن فعله فهو خير وأجر وإن تركه فلا إثم عليه .
وكذلك من الشريعة ما هو مكروه كراهة تنزيه إن تركه الإنسان فهو خير له وإن فعله فلا حرج عليه لكن المهم أن تلتزم بالسنة عموما وأن تعتقد أن إمامك ومتبوعك هو محمد صلى الله عليه وسلم وأنه ليس هناك سبيل إلى النجاة إلا باتباعه والسير في طريقه والتمسك بهديه ومن فوائد هذا الحديث: بيان عظم حق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته وأنه كان لا يألو جهدا في منعها وصدها عن كل ما يضرها في دينها ودنياها وبناء على ذلك فإذا رأيت نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء فاعلم أن فعله شر ولا تقل هل هو للكراهة أم هو للتحريم اترك ما نهى عنه سواء كان للكراهة أو للتحريم ولا تعرض نفسك للمساءلة لأن الأصل في نهي الرسول صلى الله عليه وسلم أنه للتحريم إلا إذا قام دليل على أنه للكراهة التنزيهية وكذلك إذا أمر بشيء فلا تقل هذا واجب أو غير واجب افعل ما أمر به فهو خير لك إن كان واجبا فقد أبرأت ذمتك وحصلت على الأجر وإن كان مستحبا فقد حصلت على الأجر وكنت متبعا تمام الاتباع للرسول صلى الله عليه وسلم نسأل الله أن يرزقنا وإياكم اتباعه ظاهرا وباطنا.