الاثنين، 5 يناير 2015

صلاة مسبل الإزار.

عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : بينما رجل يصلّي مُسْبِلاً إِزاره ، قال له رسولُ الله  : ((اذهب فتوضّأ ، فذهب فتوضّأ ، ثم جاء ، فقال : اذهب فتوضّأ ، فقال له رجل : يارسول الله !! ما لك أَمرتَهُ أن يتوضّأ ؟ ثم سكت عنه . قال : إنّه كان يُصَلِّي ، وهو مسبلٌ إزارَه ، إن الله لا يقبل صلاة رجلٍ مسبلٍ إزارَه)). وعن عبدالله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله  قال : (( لا ينظر الله إلى صلاة رجل ، يجرّ إزاره بطراً )) . وعن ابن مسعود – رضي الله عنه – قال : سمعتُ رسول الله  يقول : ((مَنْ أسبل إزاره في صلاته خُيلاء ، فليس من الله في حِلٍّ ولا حرام )). أي : لا ينفع للحلال ولا للحرام ، فهو ساقط من الأعِين ، لا يلتفت إليه ، ولا عبرة به ولا بأفعاله . وقيل : ليس في حلّ من الذّنوب ، بمعنى : أنه لا يغفر له ، ولا في احترام عند الله ، وحفظ منه ، بمعنى : أنه لا يحفظه من سوء الأعمال . وقيل : لا يؤمن بحلال الله وحرامه . وقيل : ليس من دين الله في شيء ، أي : قد برىء من الله تعالى ، وفارق دينه. فالحديث يدلّ على تحريم إرخاء الإزار في الصّلاة ، إذا كان بقصد الخيلاء ، وإلى ذلك ذهبت الشافعية والحنابلة ، ويدل على الكراهة ، إذا كان بغير قصد الخيلاء، عند الشافعّية وتعقّب الشيخ أحمد شاكر ابنَ حزم في تحقيقه ((المحلى)) عند هذا المبحث ، فقال : ((ثم إنّ المؤلّف ترك حديثاً ، قد يكون دليلاً قوياً على بطلان صلاة المسبل خيلاء)) ثم ذكر الحديث الأوّل ، ثم قال : ((وهو حديث صحيح . قال النّووي في ((رياض الصّالحين)) : إسناده صحيح على شرط مسلم)) قال ابن قيم شارحاً الحديث الأوّل : ((ووجه هذا الحديث – والله أعلم -: أن إسبال الإزار معصية ، وكل من واقع معصية ، فإنه يؤمر بالوضوء والصّلاة ، فإن الوضوء يطفىء حريق المعصية)).
ولعل السر في أمره  له بالوضوء ، وهو طاهر : أن يتفكر الرجل في سبب ذلك الأمر ، فيقف على ما ارتكبه من المخالفة ، وأن الله تعالى ببركة أمره  إيّاه بطهارة الظّاهر ، يطهّر باطنه من دنس الكبر ، لأن طهارة الظّاهر تؤثر في طهارة الباطن(2). ومن الجدير بالذّكر : أن ((الإِسبال [يكون] في السراويل والإِزار و القميص)) فعلى المصلّي ((أن يتعاهد ملابسه إذا استرخت حتى يرفعها ، ولا يعد ممن يجّر ثيابه خيلاء ، لكونه لم يسبلها ، وإنما قد تسترخي عليه ، فيرفعها ويتعاهدها ، ولا شك أن هذا معذور . أما مَنْ يتعمد إرجاءها ، سواء كانت ((بشتاً)) أو ((سراويل)) أو ((قميصاً)) فهو داخل في الوعيد ، وليس معذوراً في إسباله ملابسة ، لأن الأحاديث الصحيحة المانعة من الإسبال تعمّه بمنطوقها وبمعناها ومقاصد ها . فالواجب على كل مسلم أن يحذر الإسبال ، وأن يتّقي الله في ذلك ، وألا تنزل ملابسة عن كعبه ، عملاً بهذه الأحاديث الصحيحة ، وحذراّ من غضب الله وعقابه ، و الله وليّ التوفيق))

المصدر : القول المبين في أخطاء المصلين
الشيخ : المحقق مشهور آل سلمان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جزاك الله خيرا على تعليقك.