الاثنين، 5 يناير 2015

الفتن كواشف.

بسم الله الرحمن الرحيم

✿ سلسلة نقولات وتعليقات (12)
==================
✓ الفتن كواشف ..

قال الإمام ابن القيم - رحمه الله - :" البلايا تظهر جواهر الرجال، وما أسرع ما يفتضح المدعي "1.
فزمن الفتن والبلايا زمن افتضاح، (تتغير فيه المناهج)؟!، و(تُمتحن فيه الأنظار)؟! ، و(تُكشف فيه معادن الرجال)؟! فـ " الفتن على وجوه كثيرة ، وقد مضى منها فتن عظيمة ، نجا منها أقوام ، وهلك فيها أقوام باتباعهم الهوى ، وإيثارهم للدنيا ، فمن أراد الله به خيرا فتح له باب الدعاء ، والتجأ إلى مولاه الكريم ، وخاف على دينه ، وحفظ لسانه ، وعرف زمانه ، ولزم المحجة الواضحة السواد الأعظم 2 ، ولم يتلون في دينه 3، وعبد ربه تعالى ، فترك الخوض في الفتنة 4، فـ (إن الفتنة يفتضح عندها خلق كثير)؟!"5.
فالكثير من الناس عند حلول الفتن والشبهات، وفي زمن الرزايا والتغيرات، يجمحون بعيدا عن براهين الشرع، ويجنحون نائين عن حجج السنة، إلى سلوك مسلك (التثوير والتهييج)؟! ، والأخذ ببنيات الطريق، بعيدا عن التقرير العقدي العتيق..، والتأصيل العلمي الدقيق..، فيظهر منهم الخلط والتذبذب والتلفيق والتزويق ..
قال الإمام ابن بطة – رحمه الله - :" إن هذه الفتن والأهواء قد (فضحت) خلقا كثيرا، وكشفت أستارهم عن أصول قبيحة، فإن أصون الناس لنفسه أحفظهم للسانه، وأشغلهم بدينه، وأتركهم لما لا يعنيه "6.

والله المستعان ..
...............................................................
1. بدائع الفوائد 3/ 751.
2. الأحاديث الواردة في ( السواد الأعظم ) محل نظر على مقتضى الصناعة الحديثية، والشاهد أن المقصود منها -على القول بثبوتها-: التمسك بالحق كما هو واضح من سياق كلام الإمام الآجري - رحمه الله - هذا، وفي ذلك قال الإمام ابن القيم -رحمه الله-:" وكان محمد بن أسلم الطوسي الإمام المتفق على إمامته مع رتبته أتبع الناس للسنة في زمانه حتى قال : (ما بلغني سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا عملت بها، ولقد حرصت على أن أطوف بالبيت راكبا فما مكنت من ذلك)، فسُئل بعض أهل العلم في زمانه عن السواد الأعظم الذين جاء فيهم الحديث: (إذا اختلف الناس فعليكم بالسواد الأعظم) فقال: محمد بن أسلم الطوسي هو السواد الأعظم.
وصدق والله فإن العصر إذا كان فيه عارف بالسنة، داع إليها، فهو الحجة، وهو الإجماع، وهو السواد الأعظم، وهو سبيل المؤمنين، التي من فارقها واتبع سواها ولاه الله ما تولى وأصلاه جهنم وساءت مصيرا" إغاثة اللهفان 1/70.
3. فـ" مَنْ صَدَرَ اعْتِقَادُهُ عَنْ بُرْهَانٍ لَمْ يَبْقَ عِنْدَهُ تَلَوُّنٌ يُرَاعِي بِهِ أَحْوَالَ الرجال " كما في الآداب الشرعية للإمام ابن مفلح -رحمه الله- 1/330، نقلا عن الإمام ابن عقيل -رحمه الله- من كتابه (الفنون).
4. قال الإمام ابن الجوزي - رحمه الله - :" ما رأيت أعظم فتنة من (مقاربة الفتنة)؟!، وقل أن يقاربها إلا من يقع فيها" صيد الخاطر ص: 67.
5. الشريعة 1/90 للإمام الآجري – رحمه الله –
6. الإبانة الكبرى لابن بطة -رحمه الله- 2/596.

أعده :
أبو أويس رشيد بن أحمد الإدريسي الحسني
عامله الله بلطفه الخفي وكرمه الوفي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جزاك الله خيرا على تعليقك.