الأحد، 10 ديسمبر 2023

تفسير السعدي: ﴿وَلَئِن سَأَلتَهُم لَيَقولُنَّ إِنَّما كُنّا نَخوضُ وَنَلعَبُ قُل أَبِاللَّهِ وَآياتِهِ وَرَسولِهِ كُنتُم تَستَهزِئونَ﴾

 


🍂🍃

 

﴿وَلَئِن سَأَلتَهُم لَيَقولُنَّ إِنَّما كُنّا نَخوضُ وَنَلعَبُ قُل أَبِاللَّهِ وَآياتِهِ وَرَسولِهِ كُنتُم تَستَهزِئونَ﴾ ﴿لا تَعتَذِروا قَد كَفَرتُم بَعدَ إيمانِكُم إِن نَعفُ عَن طائِفَةٍ مِنكُم نُعَذِّب طائِفَةً بِأَنَّهُم كانوا مُجرِمينَ﴾ [التوبة: ٦٥ ، ٦٦]

 

﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ﴾ عما قالوه من الطعن في المسلمين وفي دينهم، يقول طائفة منهم في غزوة تبوك ﴿ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء ـ يعنون النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه ـ أرغب بطونا، [وأكذب ألسنا] وأجبن عند اللقاء﴾ ونحو ذلك.

ولما بلغهم أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، قد علم بكلامهم، جاءوا يعتذرون إليه ويقولون: ﴿إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ﴾ أي: نتكلم بكلام لا قصد لنا به، ولا قصدنا الطعن والعيب.

قال اللّه تعالى ـ مبينا عدم عذرهم وكذبهم في ذلك ـ : ﴿قُلْ﴾ لهم ﴿أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾ فإن الاستهزاء باللّه وآياته ورسوله كفر مخرج عن الدين لأن أصل الدين مبني على تعظيم اللّه، وتعظيم دينه ورسله، والاستهزاء بشيء من ذلك مناف لهذا الأصل، ومناقض له أشد المناقضة.

 

﴿لا تَعتَذِروا قَد كَفَرتُم بَعدَ إيمانِكُم إِن نَعفُ عَن طائِفَةٍ مِنكُم نُعَذِّب طائِفَةً بِأَنَّهُم كانوا مُجرِمينَ﴾ [التوبة: ٦٦]

ولهذا لما جاءوا إلى الرسول يعتذرون بهذه المقالة، والرسول لا يزيدهم على قوله ﴿أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾ وقوله ﴿إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ﴾ لتوبتهم واستغفارهم وندمهم، ﴿نُعَذِّبْ طَائِفَةً﴾ منكم ﴿بِأَنَّهُمْ﴾ بسبب أنهم ﴿كَانُوا مُجْرِمِينَ﴾ مقيمين على كفرهم ونفاقهم.

وفي هذه الآيات دليل على أن من أسر سريرة، خصوصا السريرة التي يمكر فيها بدينه، ويستهزئ به وبآياته ورسوله، فإن اللّه تعالى يظهرها ويفضح صاحبها، ويعاقبه أشد العقوبة.

وأن من استهزأ بشيء من كتاب اللّه أو سنة رسوله الثابتة عنه، أو سخر بذلك، أو تنقصه، أو استهزأ بالرسول أو تنقصه، فإنه كافر باللّه العظيم، وأن التوبة مقبولة من كل ذنب، وإن كان عظيمًا.

 

#تفسير_السعدي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جزاك الله خيرا على تعليقك.