الأحد، 17 ديسمبر 2023

🌴 آذيناه قبل أن يؤذوه صلى الله عليه وسلم🌴

 


 


 

                                            

1- 


 أعلمُ أن العنوان ربما كان قاسيا، لكنه يحكي واقعنا للأسف، فما تجرأ أعداؤنا على إيذاء رسولنا صلى الله عليه وسلم إلا حين رأوا الكثير من المسلمين يتأسون بغيره، ويهجرون هديه ومنهاجه، بل ويتبعون سنن أولئك الذين يؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم ويولون وجوهم شطر ثقافتهم وحضارتهم المزعومة.

 

- تجرأ أعداؤنا حين رأوا الكثير من المسلمين يختصرون اتباعه ونصرته صلى الله عليه وسلم في هتافات وشعارات ولافتات ومنشورات (رغم أنني لا أنكرها ولا أقلل من قيمتها).

 

- لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بيننا أما كان يؤذيه تفريطنا في حقه؟ أما كان يؤذيه حالنا مع سنته ومنهاجه ودعوته صلى الله عليه وسلم؟

 

                                  (2)

- يُؤذَى الرسول صلى الله عليه وسلم فنشجب ونستنكر، ثم تهدأ ثورتنا فيعيد أعداؤنا الكرة ويؤذون رسولنا صلى الله عليه وسلم؛ لأننا ما وعينا الدرس وما فهمنا الرسالة، فبالغنا في الاهتمام بالعَرَض - بل انشغلنا به وحده - وأهملنا المرض، فإيذاء الرسول صلى الله عليه وسلم عَرَضٌ لمرض تفريطنا في حقه وإهمالنا لاتباعه، وهجراننا لمنهجه، لقد أهملنا استئصال المشكلة من جذرها واكتفينا بالتعاطي مع آثارها.

 

- القضية باختصار أننا لَمَّا فرطنا في اتباع نبينا صلى الله عليه وسلم وخالفنا سنته، فَقَدْنا عزتنا وحشمتنا وهيبتنا، فتجرأ علينا أذل الناس.

 

فقبل أن نلومهم مرة، ينبغي أن نلوم أنفسنا ألف مرة؛ لأننا أطمعناهم في النيل من نبينا صلى الله عليه وسلم.

 

                                 (3)

- إنها ليست المرة الأولى، وما أضافت لنا شيئا في استبانة ازدواجية أعدائنا وبغضهم لنا، وليست شيئاً جديداً في التاريخ، فلطالما تعرض نبينا صلى الله عليه وسلم لمثل ذلك، وزاده الله به عزةً وتعظيماً.

 

- ما فعله أولئك الكفار متوقعٌ وغير مُستغرب؛ فدائما يكيلون بمكيالين، ويهرفون بما لا يلتزمونه معنا، لكن غير المتوقع ألا يدرك المسلمون أن أمثال تلك الحوادث تكشف لنا موقفنا الحقيقي كأفراد ومجتمعات من رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنها بمثابة مرآة نرى فينا واقع تأسينا الحقيقي ونصرتنا الصادقة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، تلك الحوادث والابتلاءات تظهر ما فينا من آفات، فمتى نتبصر؟ ومتى نتوب ونستغفر؟ ومتى نتطهر؟

 

                                   (4)

- دعونا من الشعارات ودغدغة المشاعر، وتعالوا نعبر عن غيرتنا تعبيرا عمليا، فإن الله سيسألنا عن نصرتنا لرسوله صلى الله عليه وسلم، ولن يرض منا بالهتافات أو اللافتات أو التفاعلات الوقتية فحسب:

 

1-  إن أصدق علامات محبة الله ومحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم اتباعه ظاهرا وباطنا والتأسي به.

فاجعل الرسول صلى الله عليه وسلم الميزان الذي تزن عليه أخلاقك وعبادات وتحركاتك ومعتقداتك ومنهجياتك، وما تجده يخالف هديه صلى الله عليه وسلم تبرأ منه وتجنبه من الآن.

باختصار: اجتهد في أن تقدم للعالم نسخة عملية أقرب ما تكون لمحمد صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم لو عرفوه فينا لما آذوه وتجرأوا علينا.

وافرض على نفسك أن تطبق يوميا شيئا من سنته صلى الله عليه وسلم، أو أن تقلع يوميا عن شيء يخالف منهجه ودعوته.

 

2-  لابد من دراسة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم دراسة تزكوية بنائية بغرض التأسي به وزيادة مساحة حبه وتعظيمه في القلب. خصص وقتا يوميا لدراسة السيرة مع أهلك أو أصحابك من أي كتاب موثوق.

 

3-  اجتهد في إحياء سنته ونصرة منهجيته وتعليم سيرته ونشر شريعته، وأكثر الحديث عنه صلى الله عليه وسلم.

افرض على نفسك أن تنشر يوميا سنة من سننه أو تعلم غيرك شيئا من سيرته صلى الله عليه وسلم.

4-  استفرغ وسعك في الدفاع عنه وصد السهام عن سيرته ورد الشبهات التي تثار حوله صلى الله عليه وسلم.

 

5-  اعْتَقِد أن مَن لم يؤمن بالنبي صلى الله عليه وسلم فهو كافر، وتبرأ ممن كفروا به وممن آذوه ولا تخدعنك أكاذيبهم صلى الله عليه وسلم.

 

6-  استخدم كل الوسائل السلمية المتاحة كالمقاطعة الاقتصادية أو غيرها.

 

7-  أكثر من الصلاة والسلام عليه، وسؤال الله له الوسيلة والدرجة الرفيعة.

 

8-  صَدِّقه صلى الله عليه وسلم فيما أخبر به، وعَظِّم أوامره ونواهيه ووصاياه.

 

9-  برهن بصدق على أنه صلى الله عليه وسلم أحب البشر إليك، فلا تقدم على مرضاته نفسا ولا والدا ولا ولدا ولا صفيا.

 

10-  الشوق إليه صلى الله عليه وسلم كما اشتاق إلينا والعرفان له بجميله علينا وتعبه لأجلنا وسؤال الله أن يحشرنا معه.

 

- وختاما: فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم منصور لا محالة، لكن أنت المخذول إن تخلفت عن نصرته، فافعل ما بوسعك؛ لأن الله سيسألك عن ذاك الرجل العظيم الذي بعثه لك أين كنتَ من سنته ونصرته؟

 

(5)

- وأذكرك بمشهدٍ، أسألُ الله ألا تكون من أهله:

تخيل معي ما جاء في الصحيح:

تكاد تموت من العطش،

تهرول إلى حوض النبي صلى الله عليه وسلم وتمني نفسك بالارتواء،

فتفاجىء بأن الملائكة تردك عن الحوض،

صدمة كبيرة،

لكن الأمل يعود مرة أخرى،

لما ترى وتسمع النبي صلى الله عليه وسلم يدافع عنك ويقول: "إِنَّهُمْ مِنِّى"،

فتترقب رد الملائكة فيقولون: "إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أحْدَثُوا بَعْدَكَ"

(فرطوا في حقك، وخالفوا سنتك، وحاربوها، واستهزأوا بها، وتأسوا بغيرك، وتقاعسوا عن نصرتك وإحياء منهجيتك)،

فيضطرب قلبك قلقا،

ثم تتبخر آمالك مع سماع عبارة النبي صلى الله عليه وسلم:

"سُحْقًا سُحْقًا (بعداً) لِمَنْ غَيَّرَ بَعْدِى"،

فتصرخ وتنادي رسول الله متوسلا فيجيبك:

"لا أملك لك من الله شيئا قد بَلَّغتُ".

 

فماذا ستفعل حينها؟

وأين ستذهب وقتها؟

وماذا ستتمنى؟

ألن تتمنى أن تعود إلى الدنيا،

لتصلح ما أفسدت،

أنت الآن في أمنيتك،

فكن مع النبي صلى الله عليه وسلم اليوم اتباعا ونصرة ومحبة، ليكون معك حينها بما تتمناه وتحبه.

 

الدكتور طه شريف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جزاك الله خيرا على تعليقك.