السبت، 14 يناير 2017

التنبيه على مشاهد شرعية بسبب واقعة ما يسمى ( البرقع) -- أبو أويس رشيد بن أحمد الإدريسي الحسني .




بسم الله..

* التنبيه على مشاهد شرعية بسبب واقعة ما يسمى ( البرقع)!

مما تداولته وسائل التواصل على اختلافها وتنوعها في مغربنا الحبيب : واقعة ما يسمى " البرقع "!..،- بغض النظر - هنا - عن ضبط المعلومات لتصور حقيقة ( علة) ما حصل ، وحيثيات تفاصيل ما يجري.. لكثرة القيل والقال - ، مما يستدعي أن نشهد جملة من المشاهد الشرعية - أرقمها بلغة العلم لا الفكر ومجرد الحماسة - لا تخص هذه الواقعة فحسب ، بل تتعلق بجنسها ومثيلاتها وشبيهها .. ، فتذكر ولا تتنكر .

أولا : ( مشهد الجزاء) : فما يعرض أو يمكن أن يعرض من تضييق في مثل هذه الوقائع لابد أن نستحضر عنده قوله تعالى : ( فبما كسبت أيديكم) ..، وكما قيل : أعمالكم عمالكم.. ، وهذا يستوجب رجوعنا جميعا إلى الله تعالى توبة إليه سبحانه استمطارا لرحمته ولطفه.

ثانيا : ( مشهد الأدب) : ويكون هذا بالتحلي بخلق التثبت والتبين.. ، وإرجاع الأمر لأهله خاصة في الأمور العامة (؟!) ..، قال تعالى : ( وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا ) .

ثالثا : ( مشهد الأخلاق ) : بالحرص على التؤدة وعدم الاستعجال ، فالخطأ زاد العجول.. ، والتعجل قرين الندامة ، فقل من استعجل إلا ندم ، وفي الحديث الحسن " التأني من الله ، والعجلة من الشيطان " ، كما ينبغي الاعتناء بإحسان القول والفعل لقوله تعالى :( ليبلوكم أيكم أحسن عملا ) .

رابعا : ( مشهد الاحتساب) : فما يعرض في مثل ما يجري من تجاوز وتضييق ماديا كان أو معنويا ينبغي أن نستحضر عنده مقام احتساب الأجر والعوض من الله تعالى ومحو الخطايا كما في الحديث الصحيح : " عجيب للمسلم إذا أصابته مصيبة احتسب وصبر.. " ، وعند البخاري قال عليه الصلاة والسلام : " ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولاغم ، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها خطاياه " .

خامسا : ( مشهد القدر) : فما يحدث من حوادث ووقائع فهي تجري بقدر من الله تعالى ، وبشهوده نقوي القلب بالإيمان ، ونحمل النفس على الثبات على دين الرحمن ، ومن ثبت نبت ، هذا مع السعي المشروع إلى ما يستطاع فعله مما فيه النفع والخير بمراعاة زمانه ومكانه وشخصه من غير ضراء مضرة ، ولا فتنة مضلة ..، فالقصد القصد تبلغوا.. ، مع استصحاب الصبر في ذلك كله.. ، ف " الصبر ضياء "!.

سادسا : ( مشهد الاعتبار ) : فمن كثر اعتباره قل عثاره ، فمن القواعد الشرعية عند الحوادث والوقائع وما يعرض أن نعتبر عند ذلك.. ، كل واحد منا في نفسه وحاله ، كما ينبغي أن نعتبر مما قد يؤدي إليه التضييق على الناس وحصول التجاوزات من عواقب وخيمة لا تنفع البلاد ولا العباد ، فمهم - إذن - مراعاة سد الذريعة إلى حصول الفتن والبلايا ، ف "حفظ الموجود أولى من تحصيل المفقود ".

سابعا : ( مشهد الرحمة) : مما يجلب الخير والبركة للبلاد ، والتآلف بين قلوب العباد : الرحمة بالرعية بحفظ مكانتهم ومتاعهم وأموالهم بما يناسب الحال والمقام والمقصد الصحيح ، ف " لا ضرر ولا ضرار "! ، وفي الحديث الصحيح : " الراحمون يرحمهم الرحمن ، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء " .

ثامنا : ( مشهد العدل) : فالعدل مع الناس عاقبته كريمة (!) ، فبه تستقيم الأمور ، وتستقر الأحوال ، ويكرمنا الله بالأمن والأمان والإيمان ، فالعدل قوام الأمر .. ، ولذا كان من الغايات التي من أجلها أرسل الله الرسل وأنزل الكتب ، قال تعالى : ( لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط) .

تاسعا : ( مشهد الحقوق) : مما هو ضروري في مثل هذه الوقائع مراعاة حقوق الرعية وفق ما فيه الصلاح للعباد والإصلاح للبلاد ، ومما يرغب فيه بهذا الصدد انتداب الفضلاء والأعيان وأصحاب المكانة والوجاهة للتواصل مع المسؤولين وأعوانهم بما يناسب شرعا وعرفا للاستفسار والاستيضاح والاستبيان بأدب وخلق ورزانة وتعقل وثبات في قول الحق والتمسك به..، بعيدا عن الفوضى ، وبمبعدة عن الاضطراب ، وقبل هذا وبعده الاستعانة بالله تعالى ودعاؤه جل وعلا فهو المستعان وعليه التكلان.

عاشرا : ( مشهد العلم) : فالدعوة والإرشاد لهما دور أساس في مثل ما يجري ، فمثلا إذا كان الأمر يتعلق بالجانب الشرعي الذي يخص تغطية وجه المرأة أن يقرر أهل العلم والدعوة مشروعية ذلك عند سائر المذاهب الفقهية من المالكية وغيرهم ، مع إعطاء مسألة نوع ما يغطى به الوجه وعلاقته بالعرف حظها من البحث فلها وجهها العلمي لمن أنصف (!)، مع تقرير الأمور الشرعية والأخلاقية التي لها علاقة بالموضوع من جميع جوانبه عموما نصحا وإرشادا بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن ، وعموم الناس - كل بحسبه وفي مكانه - تبع لأهل العلم والفقه.

الحادي عشر : ( مشهد الحسبة) : والقصد به - هنا - الحسبة النظامية أو المؤسسية ، وهي من مواضيع السياسة الشرعية لعلاقتها بمن تناط بهم مهمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بشكل خاص كولاية تقوم عليها السلطة السياسية كما في الفقه الإسلامي ، فما أحوج مجتماعتنا لها لتشمل إنكار عموم المنكرات ، والحمل على فعل عموم المعروف والخيرات ، كما قرر ذلك الفقهاء وعلى رأسهم السادة المالكية في كتبهم ، بل أفردوا لذلك مصنفات متينة بينوا فيها شروط ذلك وأحكامه وآدابه.. ، والله الموفق.

الثاني عشر : ( مشهد التفاؤل) : وهذا مشهد مهم جدا يغفل عنه الناس كثيرا.. ، فالتفاؤل بالخير ضروري للنفوس لتسير بجد وحكمة وروية ، فإن مع العسر يسرا ، وإن مع الصبر فرجا ..، ( لا تحزن إن الله معنا) ..، فالتفاؤل سنة نبوية ، فقد كان عليه الصلاة والسلام يعجبه الفأل الصالح، و"عندما لا تتفاءل يتسوس العقل "! .

فاللهم احفظ علينا ديننا وأمننا ، واحفظ لنا بلدنا وسائر بلاد المسلمين.

كتبه :
أبو أويس رشيد بن أحمد الإدريسي الحسني عامله الله بلطفه الخفي وكرمه الوفي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جزاك الله خيرا على تعليقك.