السبت، 13 ديسمبر 2014

رد حول تسمية الأصبع الذي يلي الإبهام بالسبابة.

 رد: إفادة حول حكم القرطبي بالكراهة على تسيمة الأصبع الذي يلي الإبهام بالسبابة

السلام عليكم . 
إخوتي الأفاضل بارك الله فيكم جميعا وجزاكم الله خير الجزاء .
القول الذي ذكره الأخ الفاضل على السليمان للعلامة العيني هو أيضاً قول ذكره الحافظ ابن حجر في فتح الباري : 
قال العيني: "(السبابة) وفي رواية الكشميهني: السباحة -بالحاء المهملة موضع الباء الثانية- وهي: الإصبع التي تلي الإبهام، سميت بذلك؛ لأنها يسبح بها في الصلاة ويشار بها في التشهد. وسميت السبابة أيضاً؛ لأنه يسب بها الشيطان حينئذ". 
و قد عجبت من قول الحافظ ابن حجر و العلامة العيني : ( وسميت السبابة أيضاً؛ لأنه يسب بها الشيطان حينئذ ) و تساءلت كيف وصل العلماء إلى هذا المعنى ، و بعد البحث ترجح عندي أن العلماء أخذوا هذا المعنى من حديث ابن عمر رضي الله عنه ، فقد جاء في مسند الامام أحمد ( كان عبدُ اللهِ بنُ عمرَ إذا جلس في الصلاةِ وضع يدَيه على رُكبَتَيه وأشار بإصبعِه وأتبعها بصرَه ثم قال :قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ : لهِيَ أشدُّ على الشيطانِ من الحديدِ يعنى السبابةَ ) و هذا الحديث صححه الشيخ أحمد شاكر و حسّنه الإمام الألباني . 
قال الامام على القاري في شرح ذلك ( فكأنه بالإشارة يحمد الله بالتوحيد و يذم الشيطان بحمله على الإشراك و الإغواء البعيد و يتأثر بهذا الكلام الدال على الصلاح ما لا يتأثر بآلات الحديد من السلاح ) . مرقاة المفاتيح 2/ 636 . 
على أن الامام على القاري في موضع آخر و عند شرحه لحديث ابن عباس رضي الله عنه في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم و الذي قال فيه : ( ثم مسح برأسِه وأُذُنَيه . باطنَهما بالسَّبَّاحتَين ِ، وظاهرَهما بإبهامَيه ) . ( رواه النسائي قال الحافظ ابن حجر سنده حسن )
قال الامام علي القاري في شرحه لهذا الحديث : ( بالسباحتين يعني المسبحتين سميتا بذلك لكثرة التسبيح بهما غالبا ، و هما السبابتان و السباحة و المسبحة من التسميات الإسلامية كراهة لمعنى السبابة و هو أن الجاهلية كانوا يسبون الناس و يشيرون بها إليهم فهو من جملة الأسماء التي غيرها عليه الصلاة و السلام ) . 
قلت : لم يبين لنا الامام علي القاري الحديث الذي يثبت أن النبي غير هذا اللفظ كراهة لمعنى السبابة الذي كان مألوفا في الجاهلية ، على أن هناك فعلا ألفاظا و عبارات غَيّرها النبي صلى الله عليه وسلم و جاء هذا التغيير في أحاديث صحيحة ثابته و صريحة و من أمثلة ذلك : 
(1) ( لا يَقُلْ أحدُكم : خبُثَتْ نفسي ولْيَقُلْ : لَقِسَتْ نفسي ) 
  (2) ( لا يَقُلْ أحدُكم : اسقِ ربَّك . أطعِمْ ربَّك . وضِّئْ ربَّك . ولا يقلْ أحدُكم : ربِّي . ولْيقُلْ سيِّدي . مولاي . ولا يقل أحدُكم : عبدي . أمَتي . ولْيَقُلْ : فتايَ . فتاتي . غلامي ) 
 (3) (لا يقلْ أحدُكم يا خيبةَ الدهرِ ) . 
 (4) ( لا تقل تعس الشيطان ) 
 ( 5 ) ( مطرنا بنوء كذا وكذا ) . 
و في الختام أقول : إن كانت سميت بالسبابة في الجاهلية لأنهم كانوا إذا تسابوا أشاروا بها فقد تغير هذا المعنى بعد الإسلام و أصبح السب بها موجها للشيطان و ذلك عندما يشير بها المصلي في التشهد فلا معنى لكراهة هذا اللفظ بعد ذلك و ليس هناك دليل ثابت على ذلك و لو كان هناك دليلا للكراهة لاستفاض و لكان أول من امتثل به الصحابة والتابعون و من بعدهم أصحاب الحديث من الأئمة الأثبات الذين كانوا يتحرون الصحة ودقة الألفاظ ، و إن لم يمتثل بحكم الكراهة هؤلاء ، فمن ذا الذي يمتثل بذلك بعدهم ؟
و الله أعلم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جزاك الله خيرا على تعليقك.