كَتَبَ -رَحِمَهُ اللَّهُ- وَهُوَ فِي
السِّجْنِ:*
*وَنَحْنُ -وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالشُّكْرُ- فِي نِعَمٍ عَظِيمَةٍ تَتَزَايَدُ كُلَّ يَوْمٍ وَيُجَدِّدُ اللَّهُ تَعَالَىٰ مِنْ نِعَمِهِ نِعَمًا أُخْرَىٰ؛ وَخُرُوجُ الْكُتُبِ كَانَ مِنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ فَإِنِّي كُنْت حَرِيصًا عَلَىٰ خُرُوجِ شَيْءٍ مِنْهَا لِتَقِفُوا عَلَيْهِ وَهُمْ كَرِهُوا خُرُوجَ "الإخنائية" فَاسْتَعْمَلَهُمْ اللَّهُ فِي إخْرَاجِ الْجَمِيعِ؛ وَإِلْزَامِ الْمُنَازِعِينَ بِالْوُقُوفِ عَلَيْهِ وَبِهَذَا يَظْهَرُ مَا أَرْسَلَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ مِنْ الْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ؛ فَإِنَّ هَذِهِ الْمَسَائِلَ كَانَتْ خَفِيَّةً عَلَىٰ أَكْثَرِ النَّاسِ. فَإِذَا ظَهَرَتْ فَمَنْ كَانَ قَصْدُهُ الْحَقَّ هَدَاهُ اللَّهُ؛ وَمَنْ كَانَ قَصْدُهُ الْبَاطِلَ قَامَتْ عَلَيْهِ حُجَّةُ اللَّهِ؛ وَاسْتَحَقَّ أَنْ يُذِلَّهُ اللَّهُ وَيُخْزِيَهُ وَمَا كَتَبْت شَيْئًا مِنْ هَذَا لِيُكْتَمَ عَنْ أَحَدٍ وَلَوْ كَانَ مُبْغِضًا. وَالْأَوْرَاقُ الَّتِي فِيهَا جَوَابَاتُكُمْ وَصَلَتْ وَأَنَا طَيِّبٌ وَعَيْنَايَ طَيِّبَتَانِ أَطْيَبَ مَا كَانَتَا. وَنَحْنُ فِي نِعَمٍ عَظِيمَةٍ لَا تُحْصَى وَلَا تُعَدُّ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ.
ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامًا وَقَالَ:
كُلُّ مَا يَقْضِيهِ اللَّهُ تَعَالَىٰ فِيهِ الْخَيْرُ وَالرَّحْمَةُ
وَالْحِكْمَةُ؛ إنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إنَّهُ هُوَ الْقَوِيُّ
الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ وَلَا يُدْخَلُ عَلَىٰ أَحَدٍ ضَرَرٌ إلَّا مِنْ
ذُنُوبِهِ {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ
سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} فَالْعَبْدُ عَلَيْهِ أَنْ يَشْكُرَ اللَّهَ
وَيَحْمَدَهُ دَائِمًا عَلَىٰ كُلِّ حَالٍ. وَيَسْتَغْفِرَ مِنْ ذُنُوبِهِ.
فَالشُّكْرُ يُوجِبُ الْمَزِيدَ مِنْ النِّعَمِ وَالِاسْتِغْفَارُ يَدْفَعُ
النِّقَمَ. وَلَا يَقْضِي اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِ قَضَاءً إلَّا كَانَ خَيْرًا لَهُ:
إنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ؛ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ
خَيْرًا لَهُ.*
*شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-| مجموع
الفتاوىٰ: 47/28-48*
________________________________________________
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
جزاك الله خيرا على تعليقك.