الاثنين، 27 يوليو 2015

ه ❗ تنبيه الساجد بخطأ الشيخ الشعراوي في تجويز الدفن في المساجد❗ه


جزاكم الله خيرا
⚡ تنبيه ⚡
كلام الشيخ الشعراوى -غفر الله له- غير صحيح البتة، وفيه تلبيس وافتراء على من يقول بحرمة اتخاذ القبور مساجد. كما أن فيه شتما لأئمة المذاهب المتفقين على المعنى الذي رده.
فالعلماء استدلوا على تحريم اتخاذ القبور مساجد بأربعة عشر حديثا، وليس حديثا واحد -كما زعم الشيخ الشعراوي-؛ تجد الأحاديث موثقة في كتاب "تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد"- ومنه أنقل في منشوري هذا.
ويكفي دلالة على صحة الفهم الذي نفاه الشيخ الشعراوي؛ قوله ﷺ:
((أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا، وصوروا تلك التصاوير، أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة)).
ثم معنى اتخاذ القبور مساجد على ثلاثة أضرب:
الأول: الصلاة على القبور -أي السجود عليها-.
الثاني: السجود إليها، واستقبالها بالصلاة والدعاء.
الثالث: بناء المساجد عليها، وقصد الصلاة فيها.
وحتى بناء جعل القبر داخل مقصورة المسجد لا يجوز شرعا، فعن أبي سعيد الخدري:
((أن رسول الله ﷺ نهى أن يبنى على القبور أو يقعد عليها أو يصلى عليها)).
وعن جابر –رضي الله عنه- قال:
((نهى رسول الله ﷺ أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه)).
وقال ﷺ:
((لا تجلسوا على القبور، ولا تصلوا إليها)).
قال الإمام الشافعي:
"وأكره -أي كراهة تحريم- أن يبنى على القبر مسجد، وأن يسوى، أو يصلى عليه وهو غير مسوى -أي أن القبر بارز وظاهر-، أو يصلى إليه".
قال الإمام المناوي:
"أي اتخذوها جهة قبلتهم، مع اعتقادهم الباطل، وإن اتخاذها مساجد لازم لاتخاذ المساجد عليها كعكسه...".
وهذا الفهم الذي نفاه الشيخ الشعراوي -غفر الله له- هو ما فهمه جماهير العلماء من الحديث؛ فقد بوّب الإمام البخاري للحديث في صحيحه بقوله: "باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور".
قال الإمام الكرماني:
"مفاد الحديث منع اتخاذ القبر مسجدا، ومدلول الترجمة اتخاذ المسجد على القبر، ومفهومهما متغاير، ويجاب بأنهما متلازمان وإن تغاير المفهوم".
فهل هؤلاء أغبياء ولا يعلمون ما يستشهدون به ؟ (!)
والنهي عن دفن الميت في المسجد ولو داخل مقصورته؛ رواه ابن سعد في طبقاته عن الحسن البصري -قال-:
"ائتمروا أن يدفنوه ﷺ في المسجد، فقالت عائشة -رضي الله عنها-: إن رسول الله ﷺ كان واضعا رأسه في حجري -إذ قال-:
((قاتل الله أقواما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)).
واجتمع رأيهم أن يفنوه حيث قبض في بيت عائشة". اهـ.
فهنا عائشة -رضي الله عنها- فهمت من الاتخاذ أنه يشمل المسجد الذي قد يدخل فيه القبر، وهذا الفهم أقره الصحابة، فهو إجماع منهم.
قال الحافظ العراقي:
"فلو بنى مسجدا يقصد أن يدفن في بعضه دخل في اللعنة، بل يحرم الدفن في المسجد، وإن شرط أن يدفن فيه لم يصح الشرط؛ لمخالفة وقفه مسجدا".
فهذا الحكم بتحريم دفن الميت داخل المسجد حكم مجمع ومتفق عليه في المذاهب الأربعة.
أما استدلاله بأن قبر النبي ﷺ كائن في مسجده (!) وأنه لو كان حراما لما دفن فيه (!) فعجيب منه ومردود من وجوه:
الأول: أن هذا لم يكن في زمن الصحابة -رضي الله عنهم-، وقد سبق وبينت أنهم قاموا بدفنه ﷺ في حجرته، والتي كانت بجانب المسجد ومفصولة عنه بجدار فيه باب، وكذا لما دفن الشيخين، ولم تدخل حجرته ﷺ وحجرات زوجاته إلا بعد التوسعة التي قام بها الوليد بن عبد الملك؛ أي بعد (77) سنة من وفاته ﷺ، ولم يكن أحد من الصحابة في المدينة حينذاك، لأنهم ماتوا وآخرهم كان جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- (ت 78 هـ).
الثاني: أن الصحابة علموا حرمة ذلك؛ فلم يدخلوا القبر في المسجد حين توسعته في زمن عمر وعثمان -رضي الله عنهما-؛ بل قال عمر مبينا المحذور  من جراء هدم الحجرة وضمها إلى المسجد بقوله: "إنه لا سبيل إليها".
الثالث: أن الحجرة الشريفة محاطة بجدر بعضها حيطان مستديرة عالية، ثم جدارين من ركني القبر الشماليين، حرفوهما حتى التقيا، لكي لا يتمكن أحد من استقبال القبر.
وأما استدلاله بقوله تعالى:
{قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا}.
فاستدلال ليس في محله لأمور:
أولها: أن هذا لم يكن جائزا في شرعهم؛ ودليله قوله ﷺ:
((لعن الله اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)).
فبين ﷺ أنهم لعنوا لأجل ذلك، ومعناه حرمة ذلك في شرعهم، والقرآن بين أن القائلين لذلك هم الغالبين على أمرهم -أي: أصحاب النفوذ والسلطة؛ قاله قتادة-.
قال سبحانه وتعالى: {إذ يتنازعون بينهم أمرهم} فقال أهل الصلاح منهم: {ابنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم}، -أي أشاروا بالبناء على باب الكهف وسده، لعلمهم بعدم مشروعية اتخاذ القبور مساجد-، فلم يقبل الأمراء منهم، وغاظهم ذلك، حتى أقسموا على بناء المسجد بقولهم {لنتخذن عليهم مسجدا}.
ثانيا: قال الحافظ ابن رجب:
"وقد دل القرآن على مثل ما دل عليه هذا الحديث –أي حديث: ((لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد))-، وهو قول الله -عز وجل- في قصة أصحاب الكهف: {قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا} فجعل اتخاذ القبور على المساجد من فعل أهل الغلبة على الأمور، وذلك يشعر بأن مستنده القهر والغلبة واتباع الهوى، وأنه ليس من فعل أهل العلم والفضل المنتصر لما أنزل الله على رسله من الهدى".
ثالثا: قال الإمام الألوسي:
"لا ينبغي لمن له أدنى رشد أن يذهب إلى خلاف ما نطقت به الأخبار الصحيحة والآثار الصريحة، معولا على الاستدلال بهذه الآية، فإن ذلك في الغواية الغاية، وفي قلة النُّهَى النهاية، ... وكل ذلك ... ابتداع دين لم يأذن به الله -عز وجل-". اهـ.
رابعا: أن من يستدل بهذه الآية على جواز اتخاذ القبور في المساجد، حاله كمن يستدل على جواز  نحت التماثيل والأصنام بقوله تعالى: {يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب}، ويحتج بعدم إنكار الله -عز وجل- لذلك، وهذا لا يقل به مؤمن بالله ورسوله ﷺ..
فالخلاصة: أن علماء الأمة المحققين متفقين على حرمة البناء على القبور واتخاذها مساجد، وحرمة الدفن في المساجد، ومن أوصى بدفنه في المسجد فلا يجوز تنفيذ وصيته.
.
⚡ محبكم ⚡
#منير_الإبراهيمي 
- أبو عبد الله - 
عفا الله عنه بمنه وكرمه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جزاك الله خيرا على تعليقك.