الاثنين، 27 يوليو 2015

المناقشة بِرَوِيَّة لمقال: رؤية شرعية في النكبة الفرنسية.

(!)!(!)
< المناقشة بِرَوِيَّة لمقال:
رؤية شرعية في النكبة الفرنسية >
(!)!(!)
.
قلت: فهذا نقاش بنّاء لمقال كتبه الأخ الفاضل: "عبد العزيز بن ناصر الجليل" -وفقه الله تعالى- يوم الاربعاء (23) - ربيع الأول - (1436 هـ).
فأقول -استجابة مني لمن له منة علي وفضل-:
.
قوله: " ... في خضم الأحداث التي هزت وصدمت دولة الصليب والإرهاب (فرنسا) ... " إلخ.
قلت: هذا إن صح أنهم صدموا ؟
إذ كيف يصدموا وهم من مَثَّلُوا وصنعوا الحدث ؟

قوله: " ... والعجب ممن أحزنه هذا المصاب وأعلن إدانته مع من أدانه ".
قلت: إن علماءنا عندما أدانوا هكذا فعل -إن صحت نسبته للمسلمين- هو إدانة لطريقة القصاص الغير مسؤولة، ولما ستؤول إليه الأوضاع بهكذا طريقة ليس فيها مراعاة للمصالح وللمفاسد.
قال الشيخ الفوزان -حفظه الله تعالى- عن مثل هكذا طرائق:
" هذا ليس طريقة سليمة -الاغتيالات-. وهذه تزيدهم شرا وغيظا على المسلمين؛ لكن الذي يدحرهم هو رد شبهاتهم وبيان مخازيهم، وأما النصرة باليد والسلاح هذه لولي أمر المسلمين وبالجهاد في سبيل الله عز وجل ". اهـ.
من محاضرة "إنا كفيناك المستهزئين".
.
قوله: " وإنما العجب من بعض من ينتمي إلى العلم والدعوة كيف يسوغ لنفسه أن يردد ما يلقيه الكفار والمنافقون من ضلالات وتلبيس وخداع باسم محاربة الإرهاب والتطرف ؟ (!) ... " إلخ.
قلت: إن العلماء المعتبرين هم أبعد الناس عن التبعية وعن الانجراف وراء التضليل الإعلامي من قبل الكفار أعداء الملة والدين، وهم لا يصدرون إلا مما تُمليه عليهم نصوص الشريعة، وما يضاء لهم من أسرارها البديعة ومقاصدها المنيفة.
.
قوله: " ففي هذا الحدث الذي نحن بصدده قد يرى بعض أهل العلم أن مفسدة ترك الكفرة والملاحدة ينالون من نبينا محمد صلى الله علية وسلم ويسخرون منه في كلامهم ورسوماتهم أعظم من المفسدة التي تترتب على مواجهتهم والقضاء عليهم ليكونوا عبرة لغيرهم فيكفوا عن صنيعهم ويعلموا أن في هذه الأمة من يغار على نبيها وينتصر له ". إلخ.
قلت: كلامه هذا يناقض الواقع وما نشاهده؛
فإننا نرى أن حرمة المسلمين تنتهك وتستباح نتيجةً لهكذا أعمال متهورة،
فكم من بلاد فقدناها بسبب الحماس والاندفاع المفرط،
وكم من حرمة انتهكت نتيجة لأعمال من يظنون أنهم من مجاهدي الزمان وقامعي العدوان،
فالهجمة الشرسة على كتاب الله ورسوله ﷺ زادت والتهبت؛ فلم نراهم كفوا عن سبهم (!!)
فلا نرى  من الكفار إلا عدوانا متزايدا عاما بعد عام منذ ما يقارب المئة سنة،
وهذا لأن هؤلاء المندفعين المستدرجين، ومن يحرضهم ويُجوّزَُ أفعالهم -ككاتبنا-
قد استغنوا عن العلماء الربانيين واستقلوا بآرائهم وتوجهاتهم واجتهاداتهم -إن صح لهم الاجتهاد-،
وجعلوا السفهاء الأغرار والصبيان الأصاغر هم قادتهم وقدوتهم،
ونبزوا كل من خالفهم بالعمالة والجبن والخيانة،
وهذا لعمري هو سبب ما نحن فيه من المهانة.
.
قوله: " الوجه الأول: ... بينما قد يرى آخرون أن المفاسد التي تترتب على ذلك أكبر من مفاسد السكوت، وذلك بما ينال المسلمين في تلك البلاد وغيرها من المفاسد والأضرار ".
قلت: وهذا هو الواقع الذي ما له من دافع،
وما نراه ونشاهده هو أكبر دليل على صحة رأي علمائنا السلفيين الكبار.
.
قوله: " والمقصود أن ذلك موطن اجتهاد، ومدام الأمر كذلك فكيف ينبري بعض المسلمين ويصطف مع الكفرة في التشنيع على هذا الفعل ورمي فاعليه بالوحشية والإرهاب والغلو والتطرف، وهي مسألة خاضعة للاجتهاد ؟ (!) ".
قلت: من الطرف الآخر المُجَوّزُ لهكذا أفعال ؟ أليس هم  الأغرار الصغار ؟
وهذه الأفعال إن لم تكن وحشية وتطرف واعتداء على الأبرياء فما هي إذن ؟
وإن وافقنا الكفار في اعتبار هكذا أفعال تطرف وإرهاب -وهي كذلك-
فلا يعني أن يكون هذا الاعتبار -ببطلان هكذا أفعال- باطل ومردود ومجانب للصواب،
وموافقتهم لنا واردة في كثير من المسائل كالحقوق والعهود والمواثيق وحرمة الدماء،
لأنها أمور جبلت الفطر على تقريرها والعمل بمقتضاها، وصارت من مسلمات الإنسانية.
.
قوله: " الوجه الثاني: لا ضير على من يرى خطأ هذا الاجتهاد أن يخطّئ فاعليه على أنه اجتهاد خاطئ، ولكن عليه أن يتحاشى إعلان موقفه حتى لا يوظف أعداء الملة من الكفار والمنافقين موقفه هذا ويتكؤون عليه في تمرير مخططاتهم وتبرير عدوانهم ومواقفهم من الدعاة والمجاهدين ".
قلت: وهذا قول أعجب من سابقيه (!!)
وذلك لأنه إذا لم يعلن العلماء الربانيين السلفيين موقفهم وبراءتهم من هكذا أفعال
فقل لي بربك؛ كيف يَعلَم الناس -عموما- والمسلمين -خصوصا- بطلانها وضررها وبراءة الإسلام منها؛ لكي تجتنب وتتقى ؟
إن بيان خطأ هذا المسلك لهو من أوجب الواجبات في زماننا حفظا لدماء المسلمين وأعراضهم ومصالحهم. وحفاظا على نقاء الإسلام وطُهره في عين أهله فضلا عن غيرهم.
.
وقوله: " ولو اضطر شخص لإعلان موقفه الذي يخطئ فيه اجتهاد بعض الدعاة والمجاهدين فإن الواجب عليه أن يبدأ بفضح جرائم وإرهاب الكفار وشنائعهم وقتلهم وتشريدهم لملايين المسلمين رجالاً ونساءً وأطفالاً ... ".
قلت: قلت وهذا ليس بواجب؛
وذلك لأن الجرائم والإرهاب من قبل الكفار من النصارى واليهود والمشركين
أظهر من أن تحتاج إلى بيان أو إقامة برهان،
بخلاف هذه الأعمال الهمجية
التي تتلبس بلباس الشرعية
وأنها أعمال تدافع عن دين الإسلام ومقدساته،
وهي في الحقيقة وسيلة من وسائل الكفار وأجنداته
لإيجاد المسوغات للتدخل في شؤون المسلمين والاعتداء عليهم،
ويستدرج لها سفهاء المسلمين وأغرارهم من الشباب الجاهل المتحمس -مع الأسف-.
.
قوله: " إن ما سبق ذكره آنفاً هو ما رسمه لنا القرآن الكريم في التعامل مع أخطاء المجاهدين بأن لا نقف عندها وتنسينا تلك الجرائم الشنيعة التي يمارسها الكفار على المسلمين
وذلك في قوله تعالى: { يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل } [البقرة 217] ".
قلت: العلماء لم يُنسِيهم حرصهم على بيان خطإ المجاهدين (!) -كذا- وتحذير الأمة من الوقوع في مثله،
لم ينسهم ذلك ما يفعله الكفار من جرائم في حق المسلمين.
بل هم من أشد الناس بيانا لتلك الجرائم وإظهار لها وتجلية لبشاعتها
وهم كذلك يصفون الدواء الكفيل لوقف الاعتداءات، ولملمة جراح المسلمين.
وإرجاع العزة للمسلمين كما كان واقع حالهم حال ارتباطهم بعلمائهم وكبرائهم
قبل أن يبتلع جُهال المسلمين ومستغربيهم الطعم ويهمشوا علمائهم،
ويستخفوا بهم وينبزوهم "بعلماء الحيض والنفاس" وعلماء "الكتب الصفراء".
إلى غير ذلك من اللائحة الطويلة من السباب والانتقاص للعلماء وهضم حقوقهم.
وهذا -أيضا- بموازات سياسة الترويج لدعاة الفتن والحماسيين والثوريين والأدباء (!)
الذين يُقدَّمون للناس على أساس أنهم علماء، وأنهم الصادعين بالحق.
وما سواهم هم علماء السلطان، الساكنين في قصور من
.
فالآن صار كل متعالم ذو جدل هو العالم الذي إليه يُرتحل (!)
.
قوله: " أسأل الله عز وجل أن ينصر دينه ويعلي كلمته وأن يمحق الكفر وأهله.
ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين.
والحمد لله رب العالمين ".
قلت: اللهم آمين. وقانا الله شر الفتن ما ظهر منها وما بطن.
.
وأكرر التنبيه إلى وجوب التمييز
بين واقع المسلم في عزته
وبين واقعه في حال ضعفه،
وما يترتب على أفعاله في كلا الواقعين.
ومثاله واقع المسلمين في الفترة المكية،
حال كونهم ضُعفاء ومضطهدين من قبل صناديد الكفر من قريش ومن ساندهم.
فرغم كون الاعتداء على الجناب النبوي في الفترة المكية كان أشد وطئة،
فلم يكن بالقول والتحريض فقط -كما هو في الفترة المدنية-،
بل كان اعتداء جسديا مثاله
رمي سلا الجزور على ظهره ﷺ وهو ساجد،
ووضع الحطب والأذى في طريقه ﷺ وأمام بيته من زوج أبي لهب،
ورميه ﷺ بالحجارة وتحريض الصبيان والسفهاء لأذيته في الطائف،
عدا سبه ولمزه والسخرية منه وتحقيره،
والاستهزاء منه وتكذيبه والتضحيك عليه،
وإثارة الشبهات والشكوك وترويج الإدعاءات الكاذبة،
حتى أثر ذلك في نفس رسول الله ﷺ،
-كما قال الله تعالى-:
{ ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون }
[سورة الحجر: الآية (97)]،
فلم يأمره الله بالانتقام لنفسه والقصاص من شانئه؛
وإنما أمره بالتسبيح ليذهب عنه ما اعتراه من ضيق -قال تعالى-:
{ فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين }
[سورة الحجر: الآيتين (98 - 99)]،
وأخبره أنه كافيه -سبحانه وتعالى- المستهزئين -فقال جل في علاه-:
{ إنا كفيناك المستهزئين الذين يجعلون مع الله إلها آخر فسوف يعلمون }
[سورة الحجر: الآيتين (95 - 96)]،
وبشره بأن كل ذلك سينقلب عليهم وبالًا -فقال تعالى-:
{ ولقد استهزىء برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون }
[سورة الأنعام: الآية (10)].
فكان الفعل الصائب والرأي القويم في تلك الحالة؛ تجنب المواجهة مع الكفار والمشركين؛
لما سيترتب عن ذلك من ازدياد الأذية والاعتداء والاضطهاد على المسلمين.
.
ولكن لما قويت شوكة المسلمين في المدينة؛
تغير الحال،
وصار كل من آذى النبي ﷺ وجهر بأذيته،
صار القتل هو مصيره نكالا في الدنيا قبل الآخرة وصار دمه هدرا.
.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-:
" فمن كان من المؤمنين بأرض هو فيها مستضعف أو في وقت هو فيه مستضعف فليعمل بآية الصبر والصفح عمن يؤذي الله ورسوله من الذين أوتوا الكتاب والمشركين
وأما أهل القوة فإنما يعملون بآية قتال أئمة الكفر الذين يطعنون في الدين وبآية قتال الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ".
"الصارم المسلول" (ص 221).
.
قلت: فخذ هذا -يا رعاك الله- وعض عليه بالنواجد.
فما جعل الله تعالى الدعوة الإسلامية تمر بمرحلتين
إلا لأن غالب حال المسلمين سيتراوح بين ضعف وقوة،
.
وعليهم -أي المسلمين- اقتفاء أثر النبي ﷺ في كلا المرحلتين؛
بين مرحلة للدعوة وترسيخ الإيمان،
ومرحلة لمجابهة الظلم وصد العدوان،
فافهم هذا تكن محصنا عن فتن هذا الزمان.
.
وفق الله الجميع لما يُحب ويرضى.
.
كتبه:
#منير_الإبراهيمي
- أبو عبد الله -
عفا الله عنه بمنه وكرمه
.
فجر السبت: (25-ربيع الأول-1436) الموافق: (17 / 01 / 2015م).
.
#أنا_مسلم_أنا_ضد_شارلي_إبدو_Charlie_Hebdo
.
.
رابط الموضوع :
.
https://www.facebook.com/mounirbrahimii/posts/798544906885570
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جزاك الله خيرا على تعليقك.