الأحد، 28 مايو 2017

مسألة اختﻻف مطالع الهﻻل ~الشيخ عبدالكريم الخضير.

قال معالي العلامة عبد الكريم الخضير
• - حرس مهجته العلي القدير - :
- مسألة اختلاف المطالع قد يقول قائل إذا رئي الهلال في المشرق هل يلزم أهل المغرب الصيام ؟ إذا رئي في وسط البلاد الإسلامية هل يلزمن من في الأطراف الصيام أو لا يلزمهم ؟ لم يختلف أحد من المسلمين في اختلاف المطالع بل المطالع مختلفة إجماعًا بل ذلك من الأمور التي علمت بالضرورة حسّاً وعقلاً وإنما الخلاف بين علماء المسلمين في اعتبار اختلاف المطالع في ابتداء شهر صوم شهر رمضان والفطر منه وعدم اعتباره وسبب ذلك أن هذه المسألة من المسائل النظرية التي للاجتهاد فيها مجال والخلاف فيها سائغ ؛ لأن قوله - عليه الصلاة والسلام - صوموا لرؤيته يحتمل الأمرين أن يكون خطابًا لجميع الأمة بكمالها في شرق الأرض وغربها فإذا رآه من في المشرق صح أنهم رأوه أن الأمة رأت الهلال وإذا رآه من في المغرب صح أن الأمة رأوه وحينئذٍ يلزم الجميع الصيام يحتمل أن يكون خطابًا لجميع الأمة بكمالها وأن يكون خطابًا لمن تمكنه الرؤية ولذا اختلف علماء المسلمين قديمًا وحديثًا على قولين فمنهم من رأىٰ اعتبار اختلاف المطالع وقال لكل أهل بلد رؤيتهم ومنهم من لم يعتبر ذلك فإذا رأىٰ الهلال المسلم العدل في أي بلد من بلدان المسلمين لزم المسلمين كلهم الصوم بعدوا أو قربوا واستدل الفريقان بالنص الواحد كاشتراكهما في الاستدلال بقوله تعالىٰ : ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) وقوله تعالىٰ : (( ويسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج )) ، وبقوله - عليه الصلاة والسلام - « صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته » ومجلس هيئة كبار العلماء بالمملكة يرون أن يكون لكل دولة إسلامية حق اختيار ما تراه بواسطة علمائها من الرأيين المذكورين إذ لكل منهما أدلته ومستنداته والخلاف في هذه المسألة ليست له آثار تخشىٰ عواقبها فقد مضىٰ على ظهور هذا الدين أربعة عشر قرنًا لا يعلم فيها فَتْرٌ جرىٰ فيها توحيد الأمة الإسلامية على رؤية واحدة ، ولا شك أن النبي - عليه الصلاة والسلام - حين قال : « صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته » لم يقصد أهل المدينة فقط وإنما قصد عموم المسلمين من الأدلة التي يحتج بها من قال باختلاف الرؤية تبعًا للمطالع ما رواه مسلم عن كُريب أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام قال قال فقدمت الشام فقضيت حاجتها واستهل علي رمضان وأنا بالشام فرأيت الهلال ليلة الجمعة ثم قدمت المدينة في آخر الشهر فسألني عبد الله بن عباس - رضي الله عَنْهُما - ما ثم ذكر الهلال فقال متى رأيتم الهلال ؟ فقلت رأيناه ليلة الجمعة فقال أنت رأيته ؟ فقلت نعم ورآه الناس وصاموا وصام معاوية ، فقال ابن عباس لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه فقلت أولا تكتفي برؤية معاوية وصيام فقال لا هكذا أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فهذا يدل على أن ابن عباس - رضي الله عَنْهُما - ما يرىٰ أن الرؤية لا تعم وأن لكل أهل بلد رؤيتهم إذا اختلفت المطالع ، وقالوا إن المطالع في منطقة المدينة غير متحدة مع المطالع في الشام وقال آخرون لعله لم يعمل برؤية أهل الشام لأنه لم يشهد بها عنده إلا كُريب وحده والشاهد الواحد لا يعمل بشهادته في الخروج وإنما يعمل بها في الدخول وفيها نظر ؛ لأن شهادة كُريب في الدخول لا في الخروج ، والخروج تابع للدخول ، ففيه دلالة قوية على نصرة القول بالعمل باختلاف المطالع لاسيما وقد رفعه ابن عباس ونسبه إلى النبي - عليه الصلاة والسلام - .

【 هدي النبي ﷺ في رمضان    (١٠) 】
‏༄༅‏༄༅‏༄༅༅‏༄༅‏༄

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جزاك الله خيرا على تعليقك.