الأربعاء، 28 سبتمبر 2016

روائع القصص : سر السعادة.| الحكيم الذي عهد إى فتى بنقطتي زيت.




أرسل أحد التجار ابنه لكي يتعلم سر السعادة من أكبر حكيم بين البشر. سار الفتى، طوال أربعين يوما، في الصحراء قبل أن يصل، أخيرا، إلى قصر جميل يقع على قمة جبل، حيث يعيش الحكيم الذي يبحث عنه. وبدل أن يلتقي رجلا قديسا، دخل قاعة تعج بالحركة والناس: تجار يدخلون ويخرجون، وأناس يثرثرون في إحدى الزوايا، وجوقة تعزف قطعا موسيقية عذبة، ومائدة حافلة بأشهى أطعمة هذه المنطقة من العالم. وكان الحكيم يتكلم إلى هؤلاء وأولئك، فاضطر الفتى إن يصبر ساعتين كاملتين قبل أن يحين دوره.
إستمع الحكيم، بإنتباه، إلى الفتى وهو يشرح سبب زيارته، لكنه قال أن لا وقت لديه، الآن، ليكشف عن سر السعادة. واقترح على الفتى أن يقوم بجولة في القصر،  وأن يعود إليه بعد ساعتين.
وأضاف الحكيم، وهو يعطي الفتى ملعقة صغيرة فيها نقطتا زيت: بيد أني أريد منك أثناء تجوالك أن تمسك بهذه الملعقة، على نحو لايؤدي إلى إنسكاب الزيت منها.
بدأ الفتى يصعد وينزل على سلالم القصر مثبتا عينيه، بإستمرار، على الملعقة. وعاد بعد ساعتين إلى مقابلة الحكيم.
سأله الحكيم: هل شاهدت السجاجيد الفارسية في غرفة طعامي؟ هل شاهدت الحديقة التي استغرق انشاؤها عشر سنوات على يد أمهر بستاني؟ هل لاحظت الرف الجميل في مكتبي؟
اعترف الفتى، مرتبكا، أنه لم يشاهد شيئا، بل كان كل همه الوحيد عدم انسكاب نقطتي الزيت اللتين عهد الحكيم بهما إليه.
فقال الحكيم: حسنا عد، الآن، وتعرف إلى روائع عالمي الخاص. لأننا لا نستطيع الوثوق برجل، إذا نحن لم نتعرف إلى المنزل الذي يسكنه.
أخد الفتى الملعقة، وقد غدا أكثر ثقة بنفسه، وعاد يتجول في القصر، موليا انتباهه، هذه المرة، إلى شتى التحف الفنية المعلقة على الجدران، وعلى السقوف. وشاهد الحدائق والجبال المحيطة بها، وأناقة الأوهار، ورفاهة الذوق في وضع كل تحفة فنية في المكان الذي يلائمها. ولدى عودته إلى الحكيم، تحدث بدقة عن كل ما شاهده. وحين سأله الحكيم: أين هما نقطتا الزيت اللتان عهدت بهما إليك؟ أدرك الفتى، وهو ينظر إلى الملعقة، حينذاك، ضياعهما.

عندئد، قال حكيم الحكماء: تلك هي النصيحة الوحيدة التي يمكنني أن أسديها إليك: إن سر السعادة هو في أن تشاهد كل روائع الدنيا دون أن تنسى، إطلاقا، نقطتي الزيت في الملعقة.
الخيميائي: باولو كويلو –(ص 45-47)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جزاك الله خيرا على تعليقك.