الاثنين، 19 سبتمبر 2016

معنى أمر النبي بلزوم الجماعة.


 قال الشافعي في الرسالة 


أخبرنا سفيان عن عبد الله بن أبي لبيد عن ابن سليمان بن يسار عن أبيه: " أن عمر بن الخطاب خطب الناس [ص: ٤٧٤] بالجابية، فقال: إن رسول الله قام (٢) فينا كمقامي فيكم، فقال: أكرموا أصحابي، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يظهر الكذب، حتى إن الرجل ليحلف ولا يستحلف، ويشهد ولا يستشهد، ألا فمن سره بحبحة الجنة فليلزم الجماعة، فإن الشيطان مع الفذ وهو من الاثنين أبعد، ولا يخلون رجل بامرأة، فإن الشيطان ثالثهم، ومن سرته حسنته، وساءته سيئته، فهو مؤمن" (٣) .


[ص: ٤٧٥] قال: فما معنى أمر النبي بلزوم جماعتهم؟


قلت: لا معنى له إلا واحد.


قال: فكيف لا يحتمل إلا واحدا؟


قلت: إذا كانت جماعتهم متفرقة في البلدان، فلا يقدر أحد أن يلزم جماعة أبدان قوم متفرقين، وقد وجدت الأبدان تكون مجتمعة من المسلمين والكافرين والأتقياء والفجار، فلم يكن في لزوم الأبدان معنى، لأنه لا يمكن، ولأن اجتماع الأبدان لا يصنع شيئا فلم يكن للزوم جماعتهم معنى، إلا ما عليهم جماعتهم من التحليل والتحريم والطاعة فيهما.


ومن قال بما تقول به جماعة المسلمين فقد لزم جماعتهم، ومن خالف ما تقول به جماعة المسلمين فقد خالف جماعتهم التي أمر [ص: ٤٧٦] بلزومها، وإنما تكون الغفلة في الفرقة، فأما الجماعة فلا يمكن فيها كافة غفلة عن معنى كتاب ولا سنة ولا قياس، إن شاء الله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جزاك الله خيرا على تعليقك.