السبت، 16 أبريل 2016

العُمر هو الأنفاس (تلاوة القرآن- دكر الله)- الشيخ عبد الكريم الخضير.



هُناك أعمال خاصة على طالب العلم أنْ يلتزمها ليُعان على طريقِهِ ومشوارِهِ في طلب العلم، يستعين بقراءة القرآن على الوجه المأمُور به بالتَّدبُّر والتَّرتيل، وأيضاً يُكثر من قراءة القرآن ليحصل على الأُجُور العظيمة، بكل حرف عشر حسنات، الإنسان في ربع ساعة يقرأ جُزء يحصل لهُ مئة ألف حسنة، وليُكثر من هذا ويجعل لهُ وقت للتَّدبُّر والنَّظر في كتاب الله والاعتبار {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ}[(17) سورة القمر] لابُد أنْ نعتبر، لابُد أنْ نتذَكًّر، لابُد أنْ نُذكِّر أنفُسنا ونُذكِّر غيرنا بالقُرآن{فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ}[(45) سورة ق] لكن من الذِّي يتذكَّر؟ هو الذِّي يخافُ الوعيد، أما الإنسان الغافل السَّاهي اللَّاهي، هذا نصيبُهُ من هذا قليل، ومع الأسف أنَّ بعض من ينتسب إلى طلب العلم عندهُ شيء من الجفاء بالنِّسبة للقرآن، فتجِدُهُ إذا تيسَّر لهُ أنْ يحضر إلى المسجد قبل الإقامة وصلَّى الرَّكعتين إنْ بقي وقت أخذ مُصحف وقرأ ما تيسَّر ورقة أو ورقتين، ويكون القرآن عندهُ على ما يقُولُهُ النَّاس على الفرغة،إنْ وُجد وقت و إلاّ لا، فهذه مُشكلة يعيشُها كثير من طُلاب العلم، حتَّى من الحُفَّاظ، بعض الطُّلاب إذا ضمن حفظ القرآن انتهى، وانتهى دورُهُ، نقول: لا يا أخي الآن جاء دورك، الآن جاء دور التِّلاوة التِّي رُتِّب عليها أجر الحُرُوف، و جاء دور التَّرتيل والتَّدبُّر والاستنباط والتَّذكُّر والتَّذكير بالقرآن، الآن جاء دوره، فأهلُ القرآن لهم هذه الخاصَّة، هم أهلُ الله وهُم خاصَّتُهُ، وينبغي أنْ يُعرفُوا بما لم يُعرفُوا بِهِ غيرهم، كما قال ابن مسعُود يُعرف بصيامِهِ، يُعرف بصلاتِهِ، يُعرف بِقِيامِهِ، يُعرف بتلاوتِهِ، يُعرف بنفعِهِ الخاص والعام، يُعرف بإقبالِهِ على الله -جل وعلا- إذا غفل النَّاس، فصاحب القرآن لهُ شأنٌ عظيم.

أيضاً مما يُوصى بِهِ المُسلم عُمُوماً لا يزال لِسَانُهُ رطب بذكر الله -جل وعلا-، و الذِّكر لا يُكلِّف شيء، الذِّكر لا يُكلِّف يعني سُبحان الله وبحمدِهِ مئة مرَّة حُطَّت عنهُ خطاياهُ وإنْ كانت مثل زبد البحر، سُبحان الله وبحمدِهِ بالتَّجربة تحتاج إلى دقيقة ونصف، ما يحتاج مثل الآصار والأغلال التِّي كانت على من قبلنا أنْ يأخذ الإنسان سيف ويقتل نفسه لِيتُوب اللهُ عليه، ما يلزم هذا، دقيقة ونصف سُبحان الله وبحمدِهِ حُطَّت عنهُ خطاياه وإنْ كانت مثل زبد البحر، من لزم الاستغفار، وللاستغفار فوائِدُهُ شيء لا يخطُر على البال، يعني لهُ دور في شرح النَّفس، وطيب العيش،وكثرة المال والولد، والبركة في الرِّزق، لا إله إلا الله وحدهُ لا شريك لهُ، لهُ الملك ولهُ الحمد، وهو على كلِّ شيء قدير، عشر مرَّات،كمن أعتق أربعة من ولد إسماعيل، عشر مرَّات تُقال بدقيقة، مائة مرَّة عاد هذا أمر لا يكون أحد مثله إلا إذا أتى بِمثلِهِ أو زاد، حرز من الشيطان، و مائة درجة، ويُمحى عنهُ مائة سيِّئة، و كمن أعتق عشرة من ولد إسماعيل، أُجُور؛ لكن يا الإخوان الحرمان ليست لهُ نهاية، تجِد كثير من النَّاس إذا ذهب إلى أمرٍ من الأُمُور ووجد صاحب الأمر غير موجُود ولا خرج مشوار يأتي بعد رُبع ساعة، الرُّبع ساعة الخمسة عشر دقيقة هذه أثقل عليه في الانتظار من خمسة عشر سنة، تجدُهُ يتوهَّج ويتأسَّف ويتألَّم وشوي يخرج وشوي يدخل ينتظر هذا لماذا؟ ما عوَّد نفسهُ على الذِّكر، يعني لو شرع في قراءة جُزء من القرآن بربع هالسَّاعة،ألا يود أنْ يتأخَّر صاحبهُ حتَّى يُكمل هذا الجُزء؟ إذا كان لهُ وِرْد ونصيب يومي من القُرآن ألا يتمنَّى أنْ تتأخَّر الإقامة قليلاً حتَّى يُكمل قراءَتهُ؟ والله هذا الحاصل يا الإخوان؛ لكنْ الذِّي يتَّخِذ القرآن لمُجرَّد إمضاء وقت، أو يتَّخِذ الذِّكر لذلك ما يُفلح، بس ينتظر الإقامة وينتظر الباب متى يأتي الإمام لماذا؟ لأنَّهُ ما عوَّد نفسهُ، ولا تعرَّف على الله في الرَّخاء ليُعْرف في مثل هذه الشَّدائد؛ لكنْ لو تأخَّر المُوظَّف الذِّي ينتظرُهُ عشر دقائق أو رُبع ساعة وتعوَّد إنْ كان لا يحفظ القرآن في جيبِهِ جُزء من القرآن قرأهُ يكفيه مائة ألف حسنة أفضل من العمل الذِّي جاء من أجلِهِ أفضل بكثير من العمل الذِّي جاء من أجلِهِ؛ لكنْ باعتبار أنَّنا ما عوَّدنا أنفُسنا على هذا نتضايق كثيراً، الإنسان في طريقه في مِشوارِهِ رايح وجاي، ويضيع أكثر أوقات النَّاس في السَّيَّارات الآن، وكثير من النَّاس لا يُحْسِن استغلال مثل هذه الأوقات، اقرأ قُرآن، اذكُر من الأذكار ما جاء الشَّرع بالحثِّ عليهِ، اسمع أشرطة علميَّة تستفيد.

المقصُود أنَّ على الإنسان أنْ يحفظ الوقت؛ لأنَّ العُمر هو عبارة عن هذه الأنفاس وهذه الدَّقائق وقبلها الثَّواني وبعدها السَّاعات هذا هُو عُمر الإنسان؛ بل هذا هو حقيقة الإنسان، فإذا ضيَّع الإنسان نفسهُ فعلام يُحافظ؟ إذا ضيَّع الإنسان نفسهُ يعني انتهت بالكُلِّيَّة ما سوى شيء، وكم من شخص يُمَد لهُ في العُمر إلى مائة سنة فإذا طُلب من أهلهِ وذويه ماذا أنجز خلال هذه المائة سنة؟ والله ما نشوف شيء.

وبعض النَّاس يُبارك لهُ في عُمرِهِ، عُمر بن عبد العزيز مات ما كمَّل الأربعين، شوف الذِّكر إلى الآن، الذِّكر الحَسَن، وكثير سعيد بن جُبير ما كمَّل الخمسين، النووي ستة وأربعين وملأ الدُّنيا مساجد الدُّنيا كُلُّها يُقال: قال -رحمه الله تعالى-، فعلينا أنْ نحرص على هذا، ثُمَّ قد يقول قائل: ما السَّبب في هذه البركة أنَّنا نرى أُناس طالت أعمارُهُم لكنْ ما كُتب لهم مثل هذا الذِّكر الحسن بحيث يُقال: على كلِّ لسان:قال:رحمه الله؟

جاء شخص إلى هشام بن عبد الملك وقال لهُ:إنَّ أباك منحني قطعة أرض، ثم جاء عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- فأخذها مني، قال:سُبحان الله الذِّي أعطاك الأرض ما قُلت:رحمه الله، والذِّي أخذها منك تقول لهُ:رحمه الله؟ قال: كل النَّاس تقُول هذا، ما يُذكر اسمُهُ إلاّقالوا: رحمه الله .

فعلى الإنسان أنْ يحرص لتحقيق مثل هذه الأمُور، وكم من شخص تجري أعمالُهُ بعد وفاتِهِ مئات السِّنين لماذا؟ لأنَّهُ دلَّ النَّاس على هُدى، علَّم النَّاس الخير، ألَّف مُصنَّفات يستفيدُ منها النَّاس، وأُجُورُهم ماضية ((أو علمٍ صالح يُنتفعُ بِهِ)) وبعض النَّاس على العكس مئات السِّنين تجري عليهم الأوزار؛ لأنَّهُم علَّمُوا النَّاس بدع وصنَّفُوا كُتب بِدع، وصار النَّاس يتأثَّرُون بها فعليهم أوزارُهُم ((ومن سَنَّ في الإسلام سُنَّة حسنة فلهُ أجرُها وأجرُ من عمل بها إلى يوم القيامة... ومن سنَّ في الإسلام سُنَّة سيِّئة فعليه وزرها ووزرُ من عمل بها إلى يوم القيامة)) فعلينا أنْ نهتم لأنفُسنا ونحتاط لها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جزاك الله خيرا على تعليقك.