الأربعاء، 25 نوفمبر 2015

إخراج الباطل في قوالب الحق.

قال الإمام ابن القيم
- رحمه الله تبارك وتعالى - :

أخرجت الجهمية التعطيل فى قالب التنزيه .
وأخرج المنافقون النفاق فى قالب الإحسان والتوفيق والعقل المعيشي .
وأخرج الظلمة الفجرة الظلم والعدوان فى قالب السياسة وعقوبة الجناة .
وأخرج المكاسون أكل المكوس فى قالب إعانة المجاهدين ، وسد الثغور ، وعمارة الحصون .
وأخرج الروافض الإلحاد والكفر، والقدح فى سادات الصحابة وحزب رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ، وأوليائه وأنصاره ، فى قالب محبة أهل البيت ، والتعصب لهم ، وموالاتهم .
وأخرجت الإباحية وفسقة المنتسبين إلى الفقر والتصوف بدعهم وشطحهم فى قالب الفقر ، والزهد ، والأحوال ، والمعارف ، ومحبة الله ، ونحو ذلك .
وأخرجت الاتحادية أعظم الكفر والإلحاد فى قالب التوحيد ، وأن الوجود واحد لا اثنان ، وهو الله وحده ، فليس هاهنا وجودان : خالق ، ومخلوق ولا رب وعبد، بل الوجود كله واحد ، وهو حقيقة الرب .
وأخرجت القدرية إنكار عموم قدرة الله تعالى على جميع الموجودات : أفعالها ، وأعيانها ، فى قالب العدل ، وقالوا : لو كان الرب قادراً على أفعال عباده لزم أن يكون ظالما لهم ، فأخرجوا تكذيبهم بالقدر فى قالب العدل .
وأخرجت الجهمية جحدهم لصفات كماله سبحانه فى قالب التوحيد ، وقالوا : لو كان له سبحانه سمع وبصر ، وقدرة ، وحياة ، وإرادة ، وكلام يقوم به لم يكن واحداً وكان آلهة متعددة .
وأخرجت الفسقة والذين يتبعون الشهوات الفسوق والعصيان فى قالب الرجاء وحسن الظن بالله تعالى ، وعدم إساءة الظن بعفوه ، وقالوا : تجنب المعاصى والشهوات إزراء بعفو الله تعالى ، وإساءة للظن به ، ونسبة له إلى خلاف الجود والكرم والعفو .
وأخرجت الخوارج قتال الأئمة ، والخروج عليهم بالسيف فى قالب الأمر بالمعروف ، والنهى عن المنكر .
وأخرج أرباب البدع جميعهم بدعهم فى قوالب متنوعة ، بحسب تلك البدع .
وأخرج المشركون شركهم فى قالب التعظيم لله ، وأنه أجل من أن يتقرب إليه بغير وسائط وشفعاء ، وآلهة تقربهم إليه .
فكل صاحب باطل لا يتمكن من ترويج باطله إلا بإخراجه فى قالب حق .
والمقصود : أن أهل المكر والحيل المحرمة يخرجون الباطل فى القوالب الشرعية ، ويأتون بصور العقود دون حقائقها ومقاصدها .

�� إغاثة اللهفان  ٨٠/٢ -٨١-٨٢ .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جزاك الله خيرا على تعليقك.