السبت، 22 سبتمبر 2018

نحن موصولون بالصحابة والتابعين وأنتم مقطوعون عنهم (؟!) ..


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :

أهل البدع أمرهم عجيب يأتون بما يضاد قول أهل السنة والجماعة في أهم المهمات وهو توحيد الله عز وجل ثم يدعون زورا أنهم من أهل السنة والجماعة ، ولا أحد يحتاج أن يتكلف في الرد عليهم لأن العلامة الكبرى الواضحة على البدعة أنها بتراء مقطوعة الصلة بالسلف ، فلن يستطيع مبتدع أن يقيم الأسانيد الصحيحة على مطابقة عقيدته وعبادته لعقيدة وعبادة الصحابة والتابعين ، وبذلك يتبين بالدليل الواضح أن القوم ليسوا أهل سنة ، وأنهم مجرد أدعياء ! وهذا الدليل الواضح إستعمله السلف مع المبتدعة كلما نجم ناجم البدعة ، فهذا شريك بن عبدالله القاضي رحمه الله لما قيل له : إن عندنا قوما ينكرون أن الله ينزل الى السماء الدنيا ، فحدث بنحو من عشرة أحاديث، ثم قال : نحن أخذنا ديننا عن التابعين عن الصحابة ، فهم عمن أخذوا ؟!! رواه الدار قطني في الصفات باسناد صحيح .

ولذلك قال أبوالمظفر السمعاني رحمه الله : « وشعار أهل السنة اتباعهم للسلف الصالح ، وتركهم كل ما هو مبتدع » الانتصار لأصحاب الحديث صـ : 31 .

ولذلك سأسوق هنا جملة من النقولات والإجماعات على عقيدة أهل السنة والجماعة والتي هي مضادة تماما لعقيدة المبتدعة ، ثم أختم بحكاية اعتقاد الامام الشافعي رحمه الله لأبين كذلك مخالفة المبتدعة للشافعي في العقيدة ، قال أبوالحسن الكرجي رحمه الله : « إن في النقل عن هؤلاء الزاما للحجة على كل من ينتحل مذهب إمام يخالفه في العقيدة ، فان أحدهما لا محالة يضلل صاحبه أو يبدعه أو يكفره ، فانتحال مذهبه مع مخالفته له في العقيدة مستنكر والله شرعا وطبعا ، فمن قال : أنا شافعي الشرع ، أشعري الاعتقاد ، قلنا له : هذا من الاضداد ، لا بل من الارتداد ، اذ لم يكن الشافعي أشعري الاعتقاد » الفصول في الاصول عن الائمة الفحول بواسطة الفتاوى (175/4 ـ 177) .

قال الوليد بن مسلم ، سألت مالك بن انس وسفيان الثوري والليث بن سعد والأوزاعي عن الأخبار التي في الصفات ، فقالوا : أمروها كما جاءت ، رواه الدارقطني في الصفات ، باسناد صحيح فالسلف يمرونها كما جاءت ، والمبتدعة يضادونهم ويحرفونها .

وقال الأوزاعي رحمه الله : « كنا والتابعون متوافرون نقول : إن الله تعالى ذكره فوق عرشه ، ونؤمن بما وردت السنة به من صفاته جلّ وعلا » ، إسناده صحيح كما قال شيخ الاسلام في بيان تلبيس الجهمية «37/2»، فهذا إجماع صريح عن التابعين ، وحتى لا يتعالم مبتدع ويقول هذا كلام شيخ الاسلام ابن تيمية .

وقال عبدالرحمن بن ابي حاتم الرازي « سألت أبي وأبا زرعة عن مذاهب أهل السنة في أصول الدين وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار وما يعتقدان من ذلك ؟ فقالا : أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازا وعراقا وشاما ويمنا - فكان من مذهبهم : إن الله عز وجل على عرشه بائن من خلقه كما وصف نفسه في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم بلا كيف ؟ أحاط بكل شيء علما « ليس كمثله شيء وهو السميع العليم » وأنه تبارك وتعالى يرى في الاخرة : « يراه أهل الجنة بأبصارهم ، ويسمعون كلامه كيف شاء ، وكما شاء »، أصول اعتقاد اهل السنة والجماعة «199ـ197/1».

وهذا الترمذي لما ساق حديث « إن الله يقبل الصدقة ويأخذها بيمينه » قال : « هذا الحديث وما يشبه هذا من الروايات من الصفات ، ونزول الرب تبارك وتعالى كل ليلة الى السماء الدنيا ، قالوا : قد ثبتت الروايات في هذا ويؤمن بها ولا يتوهم ، ولا يقال ، كيف ؟ هكذا روى عن مالك وسفيان بن عيينة وعبدالله بن المبارك أنهم قالوا في هذه الاحاديث : أمروها بلا كيف ، وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة ، وأما الجهمية ، فأنكرت هذه الروايات وقالوا هذا تشبيه ، وقد ذكر الله عز وجل في غير موضع من كتابه : « اليد والسمع والبصر فتأولت الجهمية هذه الآيات ففسروها على غير ما فسر أهل العلم ، وقالوا أن الله لم يخلق آدم بيده ، وقالوا : إن معنى اليد هنا القوة ، وقال إسحاق بن إبراهيم : إنما يكون التشبيه إذا قال : يد كيد أو مثل يد ، أو سمع أو مثل ، فإذا قال : سمع كسمع أو مثل سمع فهذا التشبيه ، وأما إذا قال كما قال الله تعالى ( يد وسمع وبصر ، ولا يقول كيف ، ولا يقول مثل سمع ولا كسمع فهذا لا يكون تشبيها ، وهو كما قال الله تعالى في كتابه : ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) ، الجامع 51/3 وقال الإمام ابوحنيفة رحمه الله : « لايوصف الله تعالى بصفات المخلوقين ، وغضبه ورضاه صفتان من صفاته بلا كيف ، وهو قول أهل السنة والجماعة ، وهو يغضب ويرضى ولايقال غضبه عقوبته ، ورضاه وثوابه ونصفه كما وصف نفسه » جنايه التأويل الفاسد على القصيدة صـ : 192 .

وقد حكى الإجماع أيضا قوام السنة أبو القاسم الأصبهاني رحمه الله حيث قال : « الكلام في صفات الله عز وجل ما جاء منها في كتاب الله ، أو روي بالأسانيد الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمذهب السلف رحمة الله عليهم أجمعين إثباتها

وإجراؤها على ظاهرها ، ونفي الكيفية عنها ، فهذا إجماع معلوم متيقن عند جميع أهل السنة والحديث الحجة في بيان الحجة 174/1 فتأمل قوله : « إجماع معلوم متيقن » لتعلم أن القوم خارجون عن الاجماع .

وأما عقيدة الامام الشافعي رحمه الله فقد قال : « لله تبارك وتعالى أسماء وصفات جاء بها كتابه ، وأخبر بها نبيه صلى الله عليه وسلم إلى أن قال « أتانا أنه سميع ، وأن له يدين بقوله : « بل يداه مبسوطتان » وأن له يميناً بقوله : « والسموات مطويات بيمينه» وأن له وجها بقوله : « كل شيء هالك إلاوجهه ».. في كلام طويل سرد فيها الأسماء والصفات ثم ختم بقوله : « وجبت الدينونة على سامعه بحقيقته والشهادة عليه ، كما عاين وسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن يثبت هذه الصفاة وينفي التشبيه ، كما نفى ذلك عن نفسه تعالى ذكره ، فقال : ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )، طبقات الحنابلة (284/1) منازل الائمة الاربعة صـ : 218 ، ذم التأويل صـ : 23 .

فتأمل قول الشافعي بعد أن ساق الأسماء والصفات قال : « وجبت الدينونة على سامع بحقيقته » فهو إثبات على الحقيقة بلا تأويل ، ورحم الله الوزير بن هبيرة إذ قال : « ولا نترك الشافعي مع الأشعرية ، فأنا أحق به منهم » الذيل على طبقات الحنابلة (273/1) ....، فأسأل الله السداد والتوفيق ، والحمد لله رب العالمين .

✍ كتبه : الدكتور حمد العثمان - حفظه الله -

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جزاك الله خيرا على تعليقك.