الاثنين، 3 أكتوبر 2016

أدب التخاطب في ضوء السنة أصول وضوابط|| للدكتور : علي بن عبد الله الصياح.


مقدمة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وبعد :

فإن التخاطب مع الناس فن وقل ومن يبرع فيه  وهو يحصل بأمرين : بالعلم ، والعقل ، وبقدر النقص فيهما يكون النقص في أدب التخاطب ، فحصول الأمرين هو الحكمة التي قال الله عنها
(الجزء رقم : 84، الصفحة رقم: 322)

يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولُو الأَلْبَابِ ، وخطابك دليل على شخصيتك ومن أجمل العبارات التي قرأتها في ذلك قول الإمام الزاهد يحيى بن معاذ : " القلوب كالقدور في الصدور تغلي بما فيها ، ومغارفها ألسنتها فانتظر الرجل حتى يتكلم فإن لسانه يغترف لك ما في قلبه ؛ من بين حلو وحامض ، وعذب وأجاج ، يخبرك عن طعم قلبه اغتراف لسانه " .

والتخاطب حاجة ضرورية للمرء في يومه وليلته لا بد له منه ، ولذا كان على العاقل أن يتعلم من أدب التخاطب وفنونه ما يصل به إلى قلوب الناس مراعيا فقه الكلمة ، وخطورة اللفظ ، وحفظ المنطق ، وكم من صداقات قامت بسبب حسن الأدب في التخاطب ، وبالمقابل كم من عداوات قامت بسبب سوء الأدب في التخاطب .

وأهم مصادر تعلم أدب التخاطب وأعلاها كتاب الله عز وجل وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ففيهما أصول وآداب التخاطب مما يحقق المحبة والمودة والإخاء في المجتمع المسلم .

والحق أني لما أخذت أقرأ في السنة النبوية متلمسا هذه الآداب ...

(الجزء رقم : 84، الصفحة رقم: 323)

وجدت نفسي بين كنوز ثرية مغفول عنها من قبل كثير من المسلمين - للأسف ! - .. فأنت واجد في السنة النبوية :

أدب التخاطب مع الكفار ... والمقاصد في ذلك ! .
أدب التخاطب مع النساء ... والضوابط في ذلك ! .
أدب التخاطب مع الصغار ... والمناحي التربوية في ذلك ! .
أدب التخاطب مع عموم الناس مع اختلاف طبائعهم وطرق تفكيرهم ! .

أبرز الألفاظ والأساليب النبوية في التخاطب مع الآخرين ... ومراعاة الأحوال والمناسبات .

ومع المقارنة بين ما تقدم وبين حال الناس الآن يظهر للمتأمل أن هناك بعدا من قبل كثير من الخاصة فضلا عن العامة  في التحلي بهذه الآداب وأن هناك ضرورة لنشر مثل هذه الآداب المستمدة من السنة النبوية  وإقامة دورات تدريبية لمثل هذه الآداب الاجتماعية الرائعة .
(الجزء رقم : 84، الصفحة رقم: 324)

وإن الغفلة عن إبراز هذه الجوانب من خلال السنة النبوية سوف تجعل كثيرا من الناس يهرع إلى العلوم الغربية طلبا لهذه المعارف والآداب ! .

وكل من أنصف علم أنه لا يوجد في ثقافة من الثقافات القائمة الآن من يعنى بهذه الجوانب الاجتماعية مثل عناية الدين الإسلامي من خلال المصدرين الأصليين : الكتاب والسنة .

ولما تقدم رأيت أهمية الكتابة في هذا الموضوع بهذا البحث الموسوم بـ " أدب التخاطب في ضوء السنة النبوية - أصول وضوابط - " .

والذي يتكون من :
المقدمة ، وهي هذه - .
تمهيد وفيه : معنى التخاطب وعناية السلف بهذا الأدب في مؤلفاتهم الحديثية .
أصول وضوابط في أدب التخاطب من خلال السنة النبوية ، وفيه عدة مباحث :

المبحث الأول : بدء المخاطبة والكلام بالسلام .
المبحث الثاني : لين الكلام وطيبه وانتقاء الألفاظ والجمل الحسنة عند مخاطبة الناس .
المبحث الثالث : اجتناب الكلام الفاحش والألفاظ السيئة .

(الجزء رقم : 84، الصفحة رقم: 325)
المبحث الرابع : استشعار مسؤولية الكلمة وخطورتها .
المبحث الخامس : مراعاة المخاطبين .
المبحث السادس : مراعاة أسلوب عرض الخطاب .
الخاتمة : وفيها أبرز نتائج البحث ، وتوصيات مقترحة .
وبعد فهذا " جهد المقل والقدر الذي واتاه وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ، وإليه سبحانه وتعالى السؤال أن يجعل ذلك خالصا لوجهه الكريم ، مقتضيا رضاه ، وألا يجعل العلم حجة على كاتبه في دنياه وأخراه ، وعلى الله قصد السبيل ، وهو حسبنا وتعم الوكيل "

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جزاك الله خيرا على تعليقك.