الأحد، 14 يونيو 2020

ما المقصود ب"حتى يلج الجمل في سم الخياط" تفسير.

( إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ )
الأعراف (40)

يخبر تعالى عن عقاب من كذب بآياته فلم يؤمن بها، مع أنها آيات بينات، واستكبر عنها فلم يَنْقَد لأحكامها، بل كذب وتولى، أنهم آيسون من كل خير، فلا تفتح أبواب السماء لأرواحهم إذا ماتوا وصعدت تريد العروج إلى اللّه، فتستأذن فلا يؤذن لها، كما لم تصعد في الدنيا إلى الإيمان باللّه ومعرفته ومحبته كذلك لا تصعد بعد الموت، فإن الجزاء من جنس العمل. ومفهوم الآية أن أرواح المؤمنين المنقادين لأمر اللّه المصدقين بآياته، تفتح لها أبواب السماء حتى تعرج إلى اللّه، وتصل إلى حيث أراد اللّه من العالم العلوي، وتبتهج بالقرب من ربها والحظوة برضوانه. وقوله عن أهل النار { وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ ْ} وهو البعير المعروف { فِي سَمِّ الْخِيَاطِ ْ} أي: حتى يدخل البعير الذي هو من أكبر الحيوانات جسما، في خرق الإبرة، الذي هو من أضيق الأشياء، وهذا من باب تعليق الشيء بالمحال، أي: فكما أنه محال دخول الجمل في سم الخياط، فكذلك المكذبون بآيات اللّه محال دخولهم الجنة، قال تعالى: { إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ْ} وقال هنا { وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ ْ} أي: الذين كثر إجرامهم واشتد طغيانهم.
تفق العلماء أن "السَّم" هو "ثقب الإبرة" ، لكنهم اختلفوا في "الجمل" على أقوال:

1- فمن قرأ "الجَمَل" ذكر أن المراد به "الجمل المعروف" ، أي : الحيوان ذا القوائم الأربعة ، وهو "ذكر الناقة" .

2- ومن قرأ بضم "الجِيم" وتشديد "الميم" ، ذكر أن المراد به : حبل السفينة الغليظ ، أو الحبل الذي يُصعد به إلى النخل .

انظر : "تفسير الطبري" (10/ 188 - 196) ، و"الهداية" لمكي : (4/ 2365).

قال "ابن كثير" : " وَقَوْلُهُ: وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ هَكَذَا قَرَأَهُ الْجُمْهُورُ ، وَفَسَّرُوهُ بِأَنَّهُ الْبَعِيرُ.

قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: هُوَ الْجَمَلُ ابْنُ النَّاقَةِ. وَفِي رِوَايَةٍ: زَوْجُ النَّاقَةِ. وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: حَتَّى يُدْخَلَ الْبَعِيرُ فِي خُرْق الْإِبْرَةِ. وَكَذَا قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ، وَالضَّحَّاكُ. وَكَذَا رَوَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، والعَوْفي عَنِ ابْنِ عباس.



وَقَالَ مُجَاهِدٌ، وَعِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا: " حَتَّى يَلِجَ الجُمَّل فِي سَمِّ الْخِيَاطِ" بِضَمِّ الْجِيمِ، وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ، يَعْنِي: الْحَبْلُ الْغَلِيظُ فِي خُرْمِ الْإِبْرَةِ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جزاك الله خيرا على تعليقك.