الخميس، 30 مايو 2019

كل شيء معلوم بالحس أو بالعقل فإن إنكاره جهل قبيح.

قال الشيخ ابن عثيمين في شرحه:

 كل شيء معلوم بالحس أو بالعقل فإن إنكاره جهل قبيح، ويسمى مثل هذا الإنكار مكابرة، وهذا يرد به على السوفسطائية، وهم الذين ينكرون الحقائق والمحسوسات، ويقولون: كل شيء فهو شك، وقال بعضهم: جزمك بأن كل شيء فهو شك، هو أيضاً شك، فإذا قلت: أنا أشك، قلنا: وهذا شك، إذا قلت: أنا أشك بأني أشك، قلنا أيضاً: وهذا شك، وهلم جرا، فهؤلاء ينكرون حتى الحقائق، حتى إنه يكلمك ويخاطبك، ويقول: أنا لا أدري هل أنا أنت أو أنت أنا؟! وهذا موجود، ويقال: إنهم إذا أرادوا النوم جميعاً ربطوا في رجل كل واحد خيطاً يخالف خيط الآخر حتى إذا صحا لا يغلط، ويظن نفسه رفيقه، وهذا شيء عجيب، ويذكر عنهم أشياء عجيبة غير ذلك، فنقول: هؤلاء لا شك قالوا قولاً قبيحاً، لأن هذا يؤدي إلى أن يشكوا حتى في الله وفي السموات وفي الأرضين، حتى في كل شيء، وهو كذلك، فهم يشكون في كل شيء، ثم إن بعضهم يقول: ما دمت جزمت بالشك فأنا شاك به، وحينئذٍ لا يمكن أن أصل إلى يقين أبداً، وكذلك الذي ينكر ما ثبت بالعقل، فإذا قيل له: كل حادث فلابد له من محدث، قال: لا أسلم بهذا، فنقول له: من القبيح أن تنكر شيئاً معلوماً بالضرورة من العقل، ويعتبر هذا منه مكابرة .. ولذلك فنحن نقول: إن الذين ينكرون المحسوسات جهال، وجهلهم قبيح، والذين ينكرون العقليات التي ليست وهميات أيضاً جهال، وجهلهم قبيح، وقد قلت: العقليات الصريحة دون الوهميات، لئلا يحتج علينا المعتزلة والأشاعرة والجهمية وغيرهم، الذين سلكوا تحكيم العقل في الأمور الغيبية، حتى في صفات الله، حيث قالوا: لا نقبل إلا ما أملت علينا عقولنا، فنقول: هذه العقول التي زعمتموها هي عقول وهمية وخيالات لا أصل لها، لأن العقل الصريح لا يمكن أن يناقض النقل الصحيح من الكتاب والسنة أبداً، وهذه قاعدة مطردة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جزاك الله خيرا على تعليقك.