التبيان بأن الصحابي ♥ معاوية بن أبي سفيان ♥ من أهل الإيمان ♥

♥
.
قلت -#منير_الإبراهيمي-:
هذا بيان ونقد علمي لما يتداوله البعض كدليل للنيل من لالصحابي الجليل "معاوية بن أبي سفيان" -رضي الله عنه وأرضاه.
الرواية الأولى:
قال الإمام البلاذري -رحمه الله تعالى-:
وحدثني إسحاق، وبكر بن الهيثم، قالا: حدثنا عبد الرازق بن همام، أنبأنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال:
" كنت عند النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال:
(( يطلع عليكم من هذا الفج رجل يموت على غير ملتي )).
قال:
وكنت تركت أبي قد وضع له وضوء، فكنت كحابس البول مخافة أن يجيء.
-قال-: فطلع معاوية،
فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-:
(( هو هذا )) ".
"أنساب الأشراف" للبلاذري  برقم (1516).
.
قلت -#منير_الإبراهيمي-: وهذا إسناد ضعيف جدا فيه ثلاث علل:
أول العلل:
إسحاق: وهو إسحاق بن إبراهيم الدبري. سمع من عبد الرزاق بعد اختلاطه(1).
قلت -#منير_الإبراهيمي-: وسماع من كان هكذا حاله من عبد الرزاق ضعيف، فعبد الرزاق ذهب بصره بعد المئتين، وصار يلقن، والدبري ولد سنة (195)، وذكر الذهبي أن سماعه منه كان سنة (210) أي قبل وفاته بسنة، وقد توفي الإمام عبد الرزاق سنة (211)، فيكون سماعه من عبد الرزاق بعد اختلاط الأخير(2).
تنبيه:
قلت -#منير_الإبراهيمي-: وليس هو إسحاق بن إسرائيل كما افتراه الرافضي "حسن المالكي" زورا وبهتانا. وليس هو -أيضا- إسحاق بن منصور الكوسج، -كما ظنه بعضهم- إذ لم أجده من شيوخ البلاذري.
ثاني العلل:
بكر بن الهيثم: مجهول لا تُعرف له ترجمة.
ثالث العلل:
عبد الرزاق الصنعاني: ثقة حافظ لكن فيه تشيع، وتغير حفظه سنة (200) لذهاب بصره فصار يلقن، ورواية المتأخرين عنه ضعيفة، ومنها رواية الدبري -كما سبق- فسماعه منه كان بعد الاختلاط(3)(4).
مفارقة:
روى الإمام عبد الرزاق عن معاوية –رضي الله عنه- روايات تتضمن الترضي عنه وهي تتضمن إقامة علي حد الردة على جماعة دخلوا في الاسلام ثم رجعوا إلى النصرانية(5).
فكيف يروي الإمام عبد الرزاق عن معاوية –رضي الله عنه- وهو يعتقد موته على الكفر وعلى غير ملة الاسلام ؟ (!!)
.
الرواية الأخرى:
وحدثني عبد الله بن صالح، حدثني يحيى بن آدم، عن شريك، عن ليث، عن طاوس، عن عبد الله بن عمرو، قال:
" كنت جالسا عند النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال:
(( يطلع عليكم من هذا الفج رجل يموت يوم يموت على غير ملتي )).
قال:
وكنت تركت أبي يلبس ثيابه فخشيت أن يطلع، فطلع معاوية ".
"أنساب الأشراف" للبلاذري برقم (1517). في "تاريخ أصبهان" للحافظ أبي نعيم (ص 241).
.
قلت -#منير_الإبراهيمي-: وهذا إسناد ضعيف جدا فيه علتان:
أول العلل:
شريك بن عبد الله القاضي: فيه ضعيف.
قال في التقريب (2787): " صدوق يخطئ كثيرا، تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة ... ".
ثاني العلل:
الليث بن أبي سليم بن زُنيم القرشي: ضعيف.
قال في التقريب (5685): " صدوق اختلط جدا ولم يتميز حديثه فترك ".
.
قلت -#منير_الإبراهيمي-:
فاتضح مما سبق بطلان هذه الرواية، وغير بعيد أن تكون من وضع الروافض، أدخلوها في حديث الإمام عبد الرزاق بعد اختلاطه(6).
.
قال شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى-: " فإن معاوية ثبت بالتواتر أنه أمره النبي -صلى الله عليه وسلم- كما أمر غيره وجاهد معه وكان أمينا عنده يكتب له الوحي وما اتهمه النبي -صلى الله عليه وسلم- في كتابة الوحي. وولاه عمر بن الخطاب الذي كان من أخبر الناس بالرجال وقد ضرب الله الحق على لسانه وقلبه ولم يتهمه في ولايته. وقد ولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أباه أبا سفيان إلى أن مات النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو على ولايته فمعاوية خير من أبيه وأحسن إسلاما من أبيه باتفاق المسلمين وإذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- ولى أباه فلأن تجوز ولايته بطريق الأولى والأحرى؛ ولم يكن من أهل الردة قط ولا نسبه أحد من أهل العلم إلى الردة فالذين ينسبون هؤلاء إلى الردة هم الذين ينسبون أبا بكر وعمر وعثمان وعامة أهل بدر وأهل بيعة الرضوان وغيرهم من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان إلى ما لا يليق بهم ".
"مجموع الفتاوى (4 / 472).
قلت -#منير_الإبراهيمي-:
رضي الله عن "معاوية بن أبي سفيان" وعن أبيه وأمه أجمعين(7).
.
الهوامش ___________________
.
(1) وهذه أقوال العلماء في رواية الدبري عن الإمام عبد الرزاق:
أ- قال الإمام أحمد -رحمه الله تعالى-: " أتينا عبد الرزاق قبل المئتين وهو صحيح البصر ومن سمع منه بعدما ذهب بصره فهو ضعيف السماع ". وقال -أيضا-: " من سمع من عبد الرازق من بعد ما عمي فسماعه لا شئ كان يلقن فيقبل ".
قلت -#منير_الإبراهيمي-: ومنها هذا الحديث.
ب- وقال الحافظ ابن عدي -رحمه الله تعالى-:
" إسحاق بن إبراهيم بن عباد أبو يعقوب الدبري الصنعاني، استصغرني عبد الرزاق، أحضره أبوه عنده وهو صغير جدا فكان يقول قرأنا على عبد الرزاق أي قرأ غيره، وحضر صغيرا وحدث عنه بحديث منكر ".
"الكامل في ضعفاء الرجال" (1 / 344).
ت- وقال الحافظ ابن الصلاح -رحمه الله تعالى-: " قلت: قد وجدت فيما روي عن الطبراني عن إسحاق بن إبراهيم الدبري عن عبد الرزاق أحاديث استنكرتها جدا فأحلت أمرها على ذلك فإن سماع الدبري منه متأخر جداً ".
"مقدمة ابن الصلاح" (ص 437-438).
"شرح علل الترمذي" (2 / 581) 
ث- قال الذهبي عن إسحاق الدبري: " راويةُ عبدالرزاق، سمع تصانيفه منه في سنة عشر ومئتين باعتناء أبيه به وكان حدثاً ".
"سير أعلام النبلاء" (13 / 416).
ج- ونقل الحافظ ابن رجب –رحمه الله تعالى- عن إبراهيم الحربي قال: " مات عبد الرزاق وللدبري ست سنين أو سبع سنين ".
ح- قال الحافظ ابن حجر –رحمه الله تعالى-: " والمناكير التي تقع في حديث عبد الرزاق فلا يلحق الدبري منه تبعة، إلا أنه صحف أو حرف وإنما الكلام في الأحاديث التي عنده في غير التصانيف فهي التي فيها المناكير وذلك لأجل سماعه منه في حالة الاختلاط والله أعلم ".
"لسان الميزان" (1 / 349) برقم (1084).
(2) فائدة: جمع "القاضي أبو عبد الله بن محمد بن حمد بن مفرج القرطبي" أخطاء الدبري في مصنف سماه:
"إصلاح الحروف التي كان إسحاق بن إبراهيم الدبري يصحفها في مصنف عبد الرزاق".
ذكره الحافظ ابن حجر في "لسان الميزان" (1 / 349).
(3) وهذه أقوال العلماء في رواية الإمام عبد الرزاق بعد الاختلاط:
أ- قال يحيى بن معين: " يقول قال لي أبو جعفر السويدى جاؤوا الى عبد الرزاق بأحاديث كتبوها ليس هى من حديثه فقالوا له اقرأها علينا قال لا اعرفها فقالوا اقرأها علينا ولا تقل فيه حدثنا فقرأها عليهم ".
"الجرح والتعديل" (6 / 38).
ب- قال الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: " ما حدث من كتابه فهو أصح ".
"التاريخ الكبير" (6 / 130) رقم (1933).
ت- وقال الإمام النسائي –رحمه الله تعالى-: " فيه نظر لمن كتب عنه بأخرة "
"كتاب الضعفاء والمتروكين" (ص 209) رقم (378).
ث- قال الحافظ الذهبي –رحمه الله تعالى-: " وقد أسندوا عنه أحاديث ليست في كتبه كان يلقنها بعدما عمى. رُوي عنه أحاديث مناكير. وقال ابن عدى: حدث بأحاديث في الفضائل لم يوافقه عليها أحد، ومثالب لغيرهم مناكير، ونسبوه إلى التشيع ".
"ميزان الاعتدال" (2 / 609) رقم (5044).
ج- وقال الحافظ ابن رجب –رحمه الله تعالى-: " وقد ذكر غير واحد أن عبد الرزاق حدث بأحاديث مناكير في فضل علي وأهل البيت فلعل تلك الأحاديث مما لقنها بعد أن عمي كما قال الإمام أحمد والله أعلم وبعضها مما رواه عنه الضعفاء ولا يصح "
"شرح علل الترمذي" (2 / 580).
(4) نكتة: سبب اشتهار رواية الدبري لـ"مصنف عبد الرزاق" دون غيرها من الروايات؛ راجع لكون الرواة يطلبون العلو في الأسانيد؛ فالدبري عمر طويلاً بعد موت الإمام عبد الرزاق، فصارت روايته عنه عالية.
(5) منها:
- عن ابن جريج، والثوري، قالا: أخبرنا يحيى بن سعيد قال: سمعت ابن المسيب يقول: إن رجلا من أهل الشام يدعى جبيرا، وجد مع امرأته رجلا فقتله، أو قتلهما، قال الثوري: فقتله، وإن معاوية -رضي الله عنه-، أشكل عليه القضاء فيه، فكتب إلى أبي موسى الأشعري، أن يسأل له عليا عن ذلك، فسأل عليا ؟ فقال: ما هذا ببلادنا ؟ لتخبرني، فقال: إنه كتب إلي أن أسألك عنه فقال: أنا أبو حسن القرم " يدفع برمته إلا أن يأتي بأربعة شهداء ".
"المصنف" (3 / 433) برقم (17915).
- عبد الرزاق، أخبرنا ابن عيينة، عن عمار الدهني، قال: سمعت أبا الطفيل، يقول: بعث علي معقلا السلمي إلى بني ناجية فوجدهم ثلاثة أصناف: صنف كانوا نصارى فأسلموا، وصنف ثبتوا على النصرانية، وصنف أسلموا، ثم رجعوا عن الإسلام إلى النصرانية، فجعل بينه وبين أصحابه علامة، إذا رأيتموها فضعوا السلاح في الصنف الذين أسلموا ثم رجعوا عن الإسلام، فأراهم العلامة فوضعوا السلاح فيهم، فقتل مقاتلتهم، وسبى ذراريهم فباعهم من مسقلة بمائة ألف، فنقده خمسين، وبقي خمسون، فأجاز علي -رضي الله عنه- ذلك قال: ولحق مسقلة معاوية -رضي الله عنه- فأعتقهم، فأجاز علي عتقهم، وأتى دار مسقلة، فشعث فيها، فأتوه بعد ذلك، فقال: " أما صاحبكم فقد لحق بعدوكم، فأتوني به آخذ لكم بحقكم ".
"المصنف" (10 / 171-172) برقم (18715).
(6) قال الإمام الأعمش –رحمه الله تعالى- تعقيبا على حديث (( يطلع عليكم رجل من أهل النار )) الموضوع -قال-: " وقد أدرك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم معاوية أميرا في زمان عمر وبعد ذلك عشر سنين فلم يقم إليه أحد فيقتله ".
"التاريخ الأوسط" للإمام البخاري (1 / 136) رقم (599).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله تعالى- عن هذا الحديث: " هذا الحديث من الكذب الموضوع باتفاق أهل المعرفة بالحديث ".
"منهاج السنة" (4 / 444).
(7) : قلت -#منير_الإبراهيمي-: الذي ثبت في حقه اللعن هو الحكم بن أبي العاص والد مروان. وقد نفاه النبي –صلى الله عليه وسلم- إلى الطائف لأمور مستهجنة كان يفعلها. فقد وورد في مسند الإمام أحمد برقم (6520):
حدثنا ابن نمير حدثثا عثمان بن حكيم عن أبي أمامة ابن سهل بن حنيف عن عبد الله بن عمرو، قال:
" كنا جلوسا عند النبي -صلي الله عليه وسلم -، وقد ذهب عمرو بن العاصي يلبس ثيابه ليلحقني، فقال ونحن عنده:
(( ليدخلن عليكم رجل لعين )).
فو الله ما زلت وجلا، أتشوف داخلا وخارجا، حتى دخل فلان، يعني الحكم ".
ورواه لبحافظ ابن عبد البر –قال-:
" وحدثنا عبد الوارث بن سفيان، حدثنا قاسم، حدثنا أحمد بن زهير، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا عثمان بن حكيم، قال: حدثنا شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن عبد الله بن عمرو بن العاص -قال-: قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم -:
(( يدخل عليكم رجل لعين ))،
قال عبد الله:
" وكنت قد تركت عمرا يلبس ثيابه ليقبل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلم أزل مثسفقا أن يكون أول من يدخل، فدخل الحكم بن أبي العاص ".
"الاستيعاب" (1 / 360) برقم (529).
.
.
كتبه:
#منير_الإبراهيمي
-أبو عبد الله-
عفا الله عنه بمنه وكرمه
بتاريخ:
(14-محرم-1436) الموافق: (08 / 11 / 2014م).
.
.
رابط الموضوع:
.
@[758809637525764:https://www.facebook.com/photo.php?fbid=758809637525764&set=a.758809537525774.1073741848.100001902047916&type=1]#