الأحد، 3 أغسطس 2025

التَّأَمُّلُ فِي الْقُرْآنِ --الإمام ابن القيم • - رحمه الله تبارك و تعالىٰ - :

 




قال الإمام ابن القيم

• - رحمه الله تبارك و تعالىٰ - :

 

• - وَأَمَّا التَّأَمُّلُ فِي الْقُرْآنِ فَهُوَ تَحْدِيقُ نَاظِرِ الْقَلْبِ إِلَى مَعَانِيهِ ، وَجَمْعُ الْفِكْرِ عَلَى تَدَبُّرِهِ وَتَعَقُّلِهِ ، وَهُوَ الْمَقْصُودُ بِإِنْزَالِهِ ، لَا مُجَرَّدُ تِلَاوَتِهِ بِلَا فَهْمٍ وَلَا تَدَبُّرٍ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰ : { كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ } ، وَقَالَ تَعَالَىٰ : { أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا } ، وَقَالَ تَعَالَىٰ : { أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ } ، وَقَالَ تَعَالَىٰ { إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } ، وَقَالَ الْحَسَنُ : نَزَلَ الْقُرْآنُ لِيُتَدَبَّرَ وَيُعْمَلَ بِهِ ، فَاتَّخِذُوا تِلَاوَتَهُ عَمَلًا ، فَلَيْسَ شَيْءٌ أَنْفَعَ لِلْعَبْدِ فِي مَعَاشِهِ وَمَعَادِهِ ، وَأَقْرَبَ إِلَى نَجَاتِهِ مِنْ تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ ، وَإِطَالَةِ التَّأَمُّلِ فِيهِ ، وَجَمْعِ الْفِكْرِ عَلَى مَعَانِي آيَاتِهِ ، فَإِنَّهَا تُطْلِعُ الْعَبْدَ عَلَى مَعَالِمِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ بِحَذَافِيرِهِمَا ، وَعَلَى طُرُقَاتِهِمَا وَأَسْبَابِهِمَا وَغَايَاتِهِمَا وَثَمَرَاتِهِمَا ، وَمَآلِ أَهْلِهِمَا ، وَتَتُلُّ فِي يَدِهِ مَفَاتِيحَ كُنُوزِ السَّعَادَةِ وَالْعُلُومِ النَّافِعَةِ ، وَتُثَبِّتُ قَوَاعِدَ الْإِيمَانِ فِي قَلْبِهِ ، وَتُشَيِّدُ بُنْيَانَهُ وَتُوَطِّدُ أَرْكَانَهُ ، وَتُرِيهِ صُورَةَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ فِي قَلْبِهِ ، وَتُحْضِرُهُ بَيْنَ الْأُمَمِ ، وَتُرِيهِ أَيَّامَ اللَّهِ فِيهِمْ ، وَتُبَصِّرُهُ مَوَاقِعَ الْعِبَرِ ، وَتُشْهِدُهُ عَدْلَ اللَّهِ وَفَضْلَهُ ، وَتُعَرِّفُهُ ذَاتَهُ ، وَأَسْمَاءَهُ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالَهُ ، وَمَا يُحِبُّهُ وَمَا يُبْغِضُهُ ، وَصِرَاطَهُ الْمُوصِلَ إِلَيْهِ ، وَمَا لِسَالِكِيهِ بَعْدَ الْوُصُولِ وَالْقُدُومِ عَلَيْهِ ، وَقَوَاطِعَ الطَّرِيقِ وَآفَاتِهَا ، وَتُعَرِّفُهُ النَّفْسَ وَصِفَاتِهَا ، وَمُفْسِدَاتِ الْأَعْمَالِ وَمُصَحِّحَاتِهَا وَتُعَرِّفُهُ طَرِيقَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ وَأَعْمَالَهُمْ ، وَأَحْوَالَهُمْ وَسِيمَاهُمْ ، وَمَرَاتِبَ أَهْلِ السَّعَادَةِ وَأَهْلِ الشَّقَاوَةِ ، وَأَقْسَامَ الْخَلْقِ وَاجْتِمَاعَهُمْ فِيمَا يَجْتَمِعُونَ فِيهِ ، وَافْتِرَاقَهُمْ فِيمَا يَفْتَرِقُونَ فِيهِ ، وَبِالْجُمْلَةِ تُعَرِّفُهُ الرَّبَّ الْمَدْعُوَّ إِلَيْهِ ، وَطَرِيقَ الْوُصُولِ إِلَيْهِ ، وَمَا لَهُ مِنَ الْكَرَامَةِ إِذَا قَدِمَ عَلَيْهِ .

 

📜 مدارج السالكين              (٤٥٠/١)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جزاك الله خيرا على تعليقك.