يقول ابن القيم رحمه الله في النهي
عن الحزن :
( اعلم أن الحزن من عوارض
الطريق، ليس من مقامات الإيمان ولا من منازل السائرين.
ولهذا لم يأْمر الله به فى موضع قط
ولا أَثنى عليه، ولا رتب عليه جزاء ولا ثواباً، بل نهى سبحانه عنه فى غير موضع كقوله
تعالى: {وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ}
[آل عمران: ١٣٩]
وقال تعالى: {وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ
وَلا تَكُ فِى ضِيقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ} [النحل: ١٢٧] ، وقال تعالى: {فَلا تأْسَ عَلَى
الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [المائدة: ٢٦]
وقال تعالى: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ
لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعنَا} [التوبة: ٤٠]
فالحزن هو بليَّة من البلايا التى
نسأَل الله دفعها وكشفها ولهذا يقول أهل الجنة: {الْحَمْدُ للهِ الَّذِى أَذْهَبَ عَنَّا
الْحزَن} [فاطر: ٣٤]
فحمدوه سبحانه على أن أذهب عنهم تلك
البلية ونجاهم منها.
وفى الصحيح عن النبى صلى الله عليه
وسلم أنه كان يقول فى دعائه: "اللَّهم إنى أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل،
والجبن والبخل، وضلع الدين وغلبة الرجال"......،
والمقصود أن النبي صلى الله عليه
وسلم جعل الحزن مما يستعاذ منه؛ وذلك لأن الحزن يُضعِف القلب ويُوهِن العزم، ويضر الإرادة،
ولا شيء أحب إلى الشيطان من حزن المؤمن، قال تعالى: {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطانِ
لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا} [المجادلة: ١٠]
فالحزن مرض من أمراض القلب يمنعه
من نهوضه وسيره وتشميره، والثواب عليه ثواب المصائب التى يُبتلى العبدُ بها بغير اختياره،
كالمرض والألم ونحوهما ) .
[طريق الهجرتين ٦٠٥/٢]
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
جزاك الله خيرا على تعليقك.