الخميس، 3 أغسطس 2017

ما حكم الشرع في رقصُ المرأةِ أمام زوجِها ، وكذلكَ مع النساءِ ؟ الشيخ الالباني رحمه الله.



س)- ما حكم الشرع في رقصُ المرأةِ أمام زوجِها ، وكذلكَ مع النساءِ ، وهو التمايلُ ، وكذا دبكةُ الرّجالِ نعلمُ أنّه حرامٌ ، لكن ما هو الدليلُ ؟ أفيدونا جزاكم اللَّه خيرًا ؟

هذا السؤال يتضمنُ ثلاثةُ أمورٍ :

أولاً : رقصُ المرأةِ أمام زوجِها .

ثانيًا : رقصُها مع بناتِ جنسِها .

ثالثًا: ودبكةُ الرِّجال .

أما الأمرُ الأول ؛ وهو رقصُ المرأةِ أمامَ زوجِها ؛ إن كانَ رقصًا فِطريًّا ليس مهنيًّا - أي : أنها لم تتعلم الرَّقصَ ، كما هو موضةُ العصر - ولو حرَّكَ شهوةَ الرجل ، فهذا لا يُوجد نصٌّ بتحريمهِ ، شريطةَ أن يكونَ ذلكَ بينها وبينهَ فقط . أمَّا إذا كانت امتهنت هذا الرَّقصَ وتتعاطى أُصولَ الرَّقصِ العصري ، فهذا لا يجوزُ ؛ لأنني أعتقد أنها حينما تفعلُ ذلك أمامَ زوجها فإِنها ستفعلُه - أيضًا - أمام غير زوجها . 

أمَّا رقصُها أمامَ النساءِ فأيضًا أقول : إن كان المقصود بالرقص هو هذا الرَّقص العصري فواضحٌ جدَّا أنه لا يجوزُ . فإن قيل : ما هو الدليل على ما قلت ؟ فأقول : إنَّ الاعتدالَ في الأُمور نادرٌ جدًّا ، إما إفراطٌ وإما تفريطٌ ، وبخاصةٍ إذا عاشَ الناسُ زمنًا طويلاً في انحرافٍ من نوع مُعين ، فإذا ما تبينَّوا أن هذا الأمر فيه انحرافٌ والشرعُ يأباهُ : أعرضوا عنه فيحدثُ عن ذلكَ ردّةُ فعلٍ شديدةٌ . وهذا ما قد أصابنا في العصر الحاضر فيما يتعلَّقُ بموضوع المُطالبة بالدليل في موضوع الخلاص من التقليد ، فقد عاشَ المسلمونَ - خاصةً وعامةً - قرونًا طويلةٌ وهم لا يعرفونَ إلاَّ المذهبَ الفُلانيَّ والمذهبَ الفُلانيَّ ، أربعة مذاهبَ ، مذاهب أهل السنة والجماعةِ ، فضلاً عن المذاهبِ الأُخرى المُنحرفةِ عن السنةِ والجماعةِ ، أمّا الاعتمادُ على ما قالَ اللَّهُ ورسولُه ، فهذا كانَ موجودًا في القرونِ المشهود لها بالخيرية ، ثم انتهى الأمرُ - حينًا من الدَّهرِ - حتى جاءَ زمنُ ابنِ تيمية ، رحمه اللَّهُ ، وتلامذِته المُخلصينَ له ، فنبّهوا المُسلمين إلى وُجوبِ العودةِ إلى ما كانَ عليه السلفُ الأوّلُ من الاعتمادِ على الكتاب والسنةِ . ولا شكَّ ولا ريبَ أنَّ دعوةَ ابن تيمية وتلامذتِهِ كانَ لها أثرٌ طيبٌ ، ولكنْ كانت دائرتُه ضعيفةً جدًّا في عصرِهِ ، وغلبَ الجُمودُ الفكريُّ على خاصة الناسِ ، فضلاً عن عامتِهم . ثمَّ تلته قُرونٌ ماتَ هذا الإيقاظُ الذي أيقظه شيخ الإسلامُ ابن تيمية ، وعاد المسلمونَ إلى جُمودهم الفقهي ، إلاَّ في هذا العصر - وقبلَه بقليل - فقد قامَ كثيرٌ من العُلماءِ النابهينَ بتجديدِ الدعوةِ لضرورةِ الرُّجوعِ إلى الكتابِ والسنةِ ، وقد كانَ سبقَهم إلى شيء من ذلكَ الشيخُ محمد بن عبد الوهاب ؛ لأنه في الواقع دعا إلى اتباعِ الكتاب والسنة ، ولكن نظرًا للمناطقِ التي كان يعيشُ فيها العربُ النجديون في بلد الشيخ محمد والوثنية التي كانت حلّت في ديارهم –حينذاك- كان
جهده الجهيد هو الاهتمام بالتوحيد.

وكأمر طبيعي جدا-فيما أرى- حيث أن طاقة الانسان محدودة-فهو لا يستطيع أن

يحارب في كل جبهة كما يقولون، ولذلك كـانت جهـوده كلها منصبـة على نشر

دعوة التوحيد ومحاربة الشركيات والوثنيات، وكان موفقا في ذلك كل التوفيق،

ووصلت دعوته الطيبة الى العالم الإسلامي فيما بعد، ولو أنه جرى بينه وبين

خصومه حروب مع الأسف الشديد، هذه سنة الله في خلقـه، ولن تجد لسـنة الله

تبديلا.
لكن في العصرالحاضر قام بعض العلماء بتجديد دعوة الكتاب والسنة، واستيقظ

كثير من الخاصة والعامة في البلاد العربية، أما البلاد الأعجمية فلا يزالون في

سباتهم مع الأسف الشديد.
إلا أن هذه البلاد العربية أصيبت بنكسة-وهي ما أشرت إليه أنفا- حيث إن

بعضهم ما وقف عند الـوسط، بل عـرفوا شيئا وجهلوا شيئا، فترى الرجل العامي

الذي لا يفهم شيئا إذا سأل العالم عن مسألة ما وما حكمها ؟ سواء أكان الجواب

نفيا أو منعا بادر بمطالبته : ما الدليل ؟
وليس بإمكان ذلك العالم –أحيانا-إقامة الدليل، خاصة إذا كان الدليل مستنبطا

ومقتبسا اقتباسا، وليس منصوصا عليه في الكتاب والسنة حتى تورد الدليل؛ ففي

مثل هذه المسألة لا ينبغي على السائل أن يتعمق ويقول: ما الدليل ؟ ويجب أن

يعرف نفسه: هل هو من أهل الدليل أم لا ؟ هل عنده مشاركة في معرفة العام

والخاص، المطلق والمقيد والناسخ والمنسوخ، وهو لا يفقه شيئا من هذا، فهل

يفيده قوله : ما هو الدليل ؟! وعلى ماذا ؟!
أقول : على (حكم ) رقص المرأة أمام زوجها أو رقص المرأة أمام أختها

المسلمة جوازا أو منعا ! ودبكة الرجال ! يريد الدليل على ذلك ! وفي الحقيقة أنه

لا يوجد لنا دليل نصي عن الرسول في ذلك، إنما هو النظر والاستنباط والتفقه.
ولذلك نحن نقول في بعض الأحيان: ليس كل مسألة يفصل عليها الدليل تفصيلا

يفهمه كل مسلم، سواء أكان عاميا أميا، أو كان طالب علم، وليس هذا في كل

المسائل، لذلك قال تعالى :{ فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}.
ومن التطرف الذي أشرت إليه أنفا – وصار اجهل الناس بسببه يرفض الدليل-

أن كثيرا من المنتمين الى دعوة الكتاب والسنة يتوهمون أن العالم إذا سئل عن

مسألة يجب عليه أن يقرن جـوابه بقال الله وقال رسوله.
أقول : هذا ليس بالواجب، وهذا من فوائد الانتماء الى منهج السلف الصالح،

وسيرهم –رضي الله عنهم-، وفتاواهم دليل عملي على ما قلته.
وعليه؛ فإن ذكر الدليل واجب حينما يقتضيه واقع الأمر، لكن ليس الواجب عليه

كلما سئل سؤالا أن يقول: قال الله تعالى كذا، أو :قال رسول الله كذا، وبخاصة

إذا كانت المسألة من دقائق المسائل الفقهية المختلف فيها.
وقوله تعالى:{فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}، هو أولا على الإطلاق،

فما عليك إلا أن تسأل من تظن أنه من أهل العلم، فإذا سمعت الجواب فعليك

بالإتباع، إلا إذا كانت عندك شبهة سمعتها من عالم آخر، لا بأس من أن

توردها، فحينئذ من الواجب على العالم أن يسعى بما عنده من العلم لإزالة

الشبهة التي عرضت لهذا السائل.
خلاصة القول : رقص المرأة أمام الزوج بالقيد المذكور أنفا جائز.
أما رقص المرأة أمام بنات جنسها فبه صورتان –أيضا- كما ذكرت أنفا بالنسبة

لرقص المرأة أمام زوجها : إن كان رقصا غير مقرون بمهنة وإنما هو عبارة

عن ترويح وتلويح باليدين ليس فيه هز للأرداف ونحو ذلك مما يحرض

النفوس، أو يثير الشبهات، وأيضا لا بأس بهذا الرقص إن صح تسميته رقصا !
أما إذا وجد شئ من ذلك فالمنع منه هو الاصل.
أما دبكة الرجال فإن كانت تشبه الدبك الذي نراه عادة مقرونا بالغناء فضلا عما

نكون فيه من ألفاظ غير مشروعة فهذا لهو ليس مرغوبا فيه، بل هو مرغوب

عنه، كما قال عليه الصلاة والسلام:"كل لهو يلهو به ابن آدم باطل إلا مداعبته

لامرأته وملا عبته لفرسه ورميه بقوسه والسباحة" فنحن نرى من هذا الحديث

القول بأنه باطل.
وإذا كان هذا شأن اللهو البرئ-أنه مرغوب عنه، وليس من الحق- إذا كان لا

يقترن معه ما يخالف الشرع في جانب من جوانبه، فحينئذ نقول : انه جائز لكنه

جواز مرجوح بهذا الحديث الذي ذكرته أنفا.
ففي ظني – والله أعلم – لأني ما أشهد مثل هذه الدبكة، أنها لا يمكن أن تخلو من

مخالفة، وذلك مثلا أننا سمعنا أحيانا الدبكة وليس هي فقط، بل الموسيقي

والمؤذن يؤذن والإمام يجهر بقراءة القرآن وهم لا يلوون على شئ بل هم في

لهوهم ساهون، فإذن؛ الدبكة هذه قد تكون من اللهو المرجوح ولا نقول: حرام إلا

إذا اقترن بها ما يخالف الشرع من ناحية من النواحي فينقلب دونما شك الى

حرام.

 المصدر :فتاوى الشيخ الألباني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جزاك الله خيرا على تعليقك.