منذ أن انطلقت الدعوة إلى الإسلام ، وظهر
برفقتها بعض الطغاة والظالمين ، ممن أرادوا لتلك الدعوة ألا تكتمل أو ترى نورًا ،
وكان من بين أشهر أعداء الدعوة ، هو أبو جهل الشهير بأبي الحكم في الجاهلية ، وكان
هو أول من رفض الدعوة ، والاعتراف بها نتيجة تكبّره وغروره الشديدين ، إلا أن رفضه
لم يكن بالقول فقط ، وإنما كان بالأذى الذي تسبب به للكثير من المسلمين ، ولرسول
الله صلّ الله عليه وسلم ، حيث حاول قتله للتخلص منه ، ومن دعوته للإسلام .
ولكن كما أن لكل من ظلم نهاية ، فقد لقي أبا
جهل مصيره وسوء خاتمته ، في النهاية بمقتله في معركة بدر ، جعلته عبرة لكل من ظلم
وطغى .
من هو أبو جهل ؟
اسم أبو جهل الحقيقي هو ؛ عمرو بن هشام بن
المغيرة بن عبدالله بن عمر بن مخزوم ، واشتهر في فترة الجاهلية بأبي الحكم ، وكان
قد ولد في مكة ونشأ وتربى فيها ، وكانت سبب كنتيه بأبي الحكم ، أنه كان يجتمع
برفقة بعض المشركين ، في إحدى الدور وكانت تعرف باسم دار الندوة ، للتباحث في
الأمور الكبيرة ، التي تستحق الاستشارة من ذوي الحكمة والخبرة ، وكان عمرو بن هشام
هو الأكثر حكمة ، من بينهم فكانوا يسألونه دائمًا ، عن رأيه فيما يحدث معهم ،
فلقّبوه بأبي الحكم .
ولم تكن كنية أبا الحكم ، هي اللقب الوحيد الذي
حصل عليه عمرو بن هشام ، بل كان رسول الله صلّ الله عليه وسلم ، يلقبه بأبي جهل ،
نتيجة ما لاقاه منه من أذى هو والمسلمين ، ولشدة رفضه وعدائه للإسلام وللرسالة ،
على الرغم من الشواهد التي أكدت له أن ما ينطقه محمد ، هو الحق من الله عز وجل ،
إلا أنه رفض بشدة هذا الدين ، الذي يعتق العبد ، ويساوي بينه وبين سيده ، ورأى أن
قبيلته هي الأحق بشرف النبوة ، مما دفعه لرفض ما جاء به محمد .
ومن أكثر ما كان الجميع يعتقده ، بشأن أبي جهل
أنه عم الرسول ، إلا أن هذا الأمر غير صحيح ، فقد كان أبو جهل من أشد أعداء النبي
الكريم ، وكان هو صاحب فكرة قتل الرسول والتخلص منه ، ومن دعوته للإسلام .
وكان المشركون قد حاولوا لمرات عدة ، أن يقتلوا
نبي الله الكريم ، إلا أن خططهم كان تبوء بالفشل ، عدا خطة أبو جهل ، والتي كانت
أشهرهم وأمكرهم على الإطلاق ، حيث أخبرهم بأن يجمعوا من كل رجل قبيلة ، على أن
يكون صاحب نسب رفيع في قومه ، ويستلوا جميعًا سيوفهم ، ويهجموا عليه هجمة رجل واحد
، فتتفرق ديته بين القبائل ، فلا يستطيع بني عبد مناف ، أن يحصلوا عليها ، أو أن
يأخذوا بالثأر من كل القبائل العربية .
دور أبو جهل في غزوة بدر ومقتله :
هاجم المسلمون إحدى القوافل ، التابعة لأبي
سفيان ، فذهب الأخير يستنجد ببني قريش ، ويطلب منهم العون على نجدة قافلته ، فما
كان من قريش ، إلا أنت خرجت لنجدة أبي سفيان ، بقيادة أبي جهل ، ليتمكن أبو سفيان
من الفرار هو وقافلته بالفعل .
هنا أصر أبو جهل على خوض تلك المعركة ، وأصر
على تلقين المسلمين درسًا قاسيًا ، إلا أنه لم يجد منهم سوى الاصطفاف ، والتنظيم
الجيد والمحكم ، فهاجموه هو وجيشه وفرّقوا صفوفهم ، ولكن غرور أبو جهل جعله يثبت
مكانه ، ولا يتراجع عن القتال .
وكانت تلك الغزوة هي النهاية ، المؤلمة والقوية
لهذا الطاغية ، عدو الإسلام الذي كان يتجول بين جنوده ، يحثهم بشدة على قتال
المسلمين ، فقُتل شر قتلة على يد طفلين هما معوذ ومعاذ ، ابني غفران !
قتل الطفلان معوذ ومعاذ ابني غفران ، هذا
الطاغية أبا جهل ، عندما كانا في مقدمة الجيش ، إلى جوار عبدالرحمن بن عوف ، ولم
يكن عمرهما يزيد عن الأربعة عشر عامًا ، وأثناء المعركة سأل أحدهما عبدالرحمن بن
عوف ، أين هو أبو جهل ، فأجابه بن عوف باستغراب وما تريد من أبي جهل ؟ فأخبره أن
أمه قد أوصته بقتله ، وألا يعود سوى بعد أن يفعل ذلك ، وحدّث الطفل شقيقه ، وقال
أنه قد سمع أبا جهل ، يسب الرسول عليه الصلاة والسلام ، وأنه لا يطيق ذلك على
الرسول .
هنا حمل بن عوف الطفلين ، وأتى بهما بالقرب من
أبي جهل ، وأشار لهما أن هذا هو أبو جهل ، هنا انطلق الطفلين بين أقدام المسلمين ،
وسط ساحة القتال فقام أحدهما بقطع أرجل الناقة ، التي يمتطيها أبو جهل وقام الآخر
بطعنه ، ثم أجهز عليه الصحابي عبدالله بن مسعود ، ثم قطع رأسه وحمله ، إلى رسول
الله صلّ الله عليه وسلم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
جزاك الله خيرا على تعليقك.