السؤال: ما صحة القصة الآتية: عن أنس قال: كان رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار يكنى أبو معلق، وكان تاجراً يتجر بمالٍ له ولغيره يغرب به في الآفاق، وكان ناسكاً ورعاً، فانطلق مرة فمسكه لص وهدده بالسلاح, فقال له: ضع ما معك فإني قاتلك. قال: أما المال فلي، قال: أما إن أبيت فذرني أصلي أربع ركعات فكان من دعائه في آخر جلسة أن قال: "يا ودود يا ذا العرش المجيد، يا فعال لما يريد، أسألك بعلمك الذي لا يرام، وملكك الذي لا يضام، وبنورك الذي ملأ أرجاء عرشك أن تكفيني شر هذا اللص, يا مغيث أغثني" (ثلاث مرات)، ودعا بهذا ثلاث مرات، فإذا هو بملك قد أقبل بيده حربة رابطها بين أدني فرسه، فلما بصر باللص أخذ ما معه وقتله، ثم أقبل إليه وقال: قم. قال: أنا ملك من السماء الرابعة دعوت بدعائك الأول: فسمع لأبواب السماء قعقعة، ثم دعوت بدعائك الثاني فسمع لأهل السماء رجة، ثم دعوت بدعائك الثالث فقيل: دعاء مكروب، فدعوت الله تعالى أن يوليني كربك. قال: اعلم أنه من توضأ وصلى أربعا ودعا بهذا الدعاء استجيب له؟
الإجابة: هذه قصة شهيرة الدوران على الألسنة، ويذكرها كثير من الناس في مقام الوعظ. وهي موجودة بإسناد مظلم. أخرجها ابن أبي الدنيا في كتابيه: (الهواتف) ( برقم 14)، (مجابي الدعوة) (برقم 23). وأخرجها جمع من طريقه، منهم ابن بشكوال في كتابه: (المستغيثين بالله) (برقم 3)، والضياء المقدسي في (العدة للكرب والشدة) (برقم 32). واللالكائي في كتابه (الكرامات) (برقم 111)، وعيد المغني المقدسي في كتابه (الترغيب في الدعاء) (برقم 61)، وابن الأثير في (أسد الغابة) في ترجمة أبي معلق.
والقصة إسنادها مظلم وفيه كثير من المجاهيل. وهذه القصة على الرغم من شهرتها فإننا لم نظفر بواحد من الحفاظ أو العلماء حكم بصحتها أو حسنها. وانما مدارها على رواة مجهولين. فحكم العلماء قديماً عليها بالضعف. ولا يجوز لأحد أن يحكيها. كيف لا وفي آخرها ترغيب في صلاة ودعاء مخصوص.
ولو كانت صحيحة لكانت هذه الصلاة مشتهرة في كتب الفقهاء ولسموها صلاة المكروب، والقصاصون الذين يذكرون ما يعجب فيغربون، وما يطرب فيكذبون فنقول لهم: اتقوا الله، وعلموا الناس وفي الصحيح غنية وديننا كامل، ولسنا بحاجة إلى أقاصيص الكذابين، ولا إلى ترهاتهم ولا إلى بواطلهم،
والله أعلم.
الشيخ مشهوز بن حسن آل سليمان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
جزاك الله خيرا على تعليقك.